بعضا، إن ثبت أن جميع من عبد العجل واتخذه قتل فهو على عمومه؛ وإلا فهو مخصوص بمن سلم منهم كالسامري ونحوه.
﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ (٥٥) [البقرة: ٥٥] عام أريد به الخاص، وهم السبعون المختارون، لكن لما كانوا على رأي الباقين، وهم كالأئمة لهم صار صعقهم كصعق الجميع.
﴿ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (٥٦) [البقرة: ٥٦] دل على أن الصعق كان موتا حقيقيا ثم عاشوا بعده كما عاش الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وهذه من مسائل المعاد.
وقد صنف ابن أبي الدنيا أو غيره كتابا فيمن عاش بعد الموت، ذكر فيه خلقا كثيرا، وزعم قوم أن هؤلاء السبعين لم يموتوا، وإنما لحقهم صعق كصعقة موسى شبيها بالإغماء والخروج عن عالم الحس، ثم أفاقوا كما أفاق موسى، وسمي موتا بجامع الخروج عن الإحساس أو لكونه من مقدمات الموت، وأما قولهم: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] فيحتج به المعتزلة على امتناع رؤيته-﷿-إذ لو كانت جائزة لما قوبلوا على سؤالها بالموت والصعق، ولا حجة فيه، لاحتمال أن صعقهم لم يكن عقوبة على مجرد سؤالهم الرؤية، بل على سؤالها تكذيبا وعنادا/ [٢٩/ل] أو على سؤالها في الدنيا، وإنما وقتها الآخرة.
﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (٥٧) [البقرة: ٥٧] هو إما غمام ومنّ وسلوى معهود أو عام أريد به الخاص، إذ ليس كل غمام ظلل عليهم، ولا كل منّ وسلوى أنزل عليهم، بل القدر الذي احتاجوا إليه من ذلك.
قوله-﷿: ﴿وَإِذْ قُلْنَا اُدْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٥٨) [البقرة: ٥٨] عام في جميع الخطايا، تمحوها التوبة والاستغفار وهو معنى قولهم:
«حطّة»، وهو مخصوص بالشرك لا يغفر إلا بالإيمان لقوله-﷿: ﴿إِنَّ اللهَ لا﴾
1 / 55