بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) [البقرة: ٢٦]، ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٢٦] عام فيهم إن لم يرد بهم أو ببعضهم معهود.
ومنها: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ (٢٧) [البقرة: ٢٧] لفظها عام، فإن أريد فسادهم في كلها المجموعي من حيث هو كل فلا تخصيص، إذ من أفسد في ذراع من الأرض، صدق أنه أفسد في الأرض بهذا الاعتبار.
وإن أريد فسادهم في كلية أجزائها أي في كل جزء منها، فهو مخصوص بكل جزء منها لم يفسدوا فيه.
ومنها: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٢٩) [البقرة: ٢٩]، هو عام مؤكد ب (جميعا) ثم يحتمل أن يكون مخصوصا بما ليس للمخاطبين مما في الأرض كعلف البهائم ونحوه، ويحتمل إجراؤه على عمومه بأن يقال: علف البهائم ونحوه هو للمخاطبين بواسطتها؛ لأن البهائم خلقت لهم، وعلفها خلق لها، والمخلوق للمخلوق للشيء مخلوق لذلك الشيء. والعيان يشهد أن علف البهائم يصير لحما لها ولبنا، ثم يأكله الناس.
قوله ﷿: ﴿وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ (٣٠) [البقرة: ٣٠] هو عام فيهم لم يخص، ﴿وَيَسْفِكُ الدِّماءَ﴾ [البقرة: ٣٠] يحتمل أنه لتعريف الحقيقة، أو هو مجرد جمع لا للعموم، ويحتمل أنه [عام خص] بالواقع بأن بني آدم لم يسفكوا كل دم.
ثم إن الناس اختلفوا في عصمة الملائكة؛ فأثبتها الجمهور ونفاها المعتزلة، متمسكين من هذه القصة بوجوه:
أحدها: قولهم: (أتجعل فيها) وهو استفهام إنكار، واعتراض على الله-﷿ وهو سوء أدب.
الثاني: قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾
1 / 47