أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) [الروم: ٢٧] وهذه من مسائل اليوم الآخر.
قوله-﷿: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٢٩) [البقرة: ٢٩] أي: لأجلكم ومصلحتكم، وهذا إشارة إلى تعليل خلقه ما في الأرض بمصلحتهم وحاجتهم، وفي كون أفعاله-﷿-وأحكامه معللة-بحث وخلاف له موضع أنسب من هذا يذكر فيه إن شاء الله ﷿.
قوله-﷿: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩] هذا عام لم يخص بشيء أصلا؛ لتعلق علمه ﷿ [بالمواد الثلاث: مادة] الواجب، والممكن والممتنع، بخلاف قوله-﷿: ﴿يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢٠) [البقرة: ٢٠] فإنه عام مخصوص بالمحالات، والواجبات التي لا تدخل تحت المقدورية؛ كالجمع بين الضدين، وكخلق ذاته وصفاته وأشباه ذلك.
واعلم أني سهوت عن ذكر جزئيات العموم والخصوص إلى هاهنا، وأنا عائد فمستدركها من أول الفاتحة، إن شاء الله ﷿.
فمنها: (الحمد الله) هو عام؛ أي: جنس الحمد، وكل حمد ممكن وجوده فهو مستحق لله-﷿-لأن النعم لما كانت كلها منه كان الحمد كله له. وهذا على عمومه، لم يخص.
ومنها: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (٢) [الفاتحة: ٢] أي: رب كل شيء، كما نص عليه في موضع آخر، وهو على عمومه.
ومنها: ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٤) [الفاتحة: ٤] أي: المتصرف في جميع ذلك اليوم وما بعده.
ومنها: ﴿صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾ (٧) [الفاتحة: ٧] هو عام في المنعم عليهم، لم يخص.
وكذا ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾ (٧) [الفاتحة: ٧].
1 / 42