﴿جَدِيدٍ﴾ (١٥) [ق: ١٥] كيف [كان] كل منهما ثلاث كلمات تضمنت دليلا عقليا عظيما أسهب في تقريره المتكلمون، وذلك دليل على تشابه الكلامين، وأنه عليه-الصلاة والسّلام-مؤيد من العلي الأعلى ما ينطق عن الهوى.
قوله-﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَاُدْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٢٣) [البقرة: ٢٣].
هذه من مسائل النبوات، وهي تتضمن إثبات نبوة محمد ﷺ بتقريره معجزه وهو القرآن، وتقرير الدليل: أن محمدا ﷺ لو [كان كاذبا] في دعوى النبوة لأمكنكم أن تعارضوا معجزه-وهو القرآن-ولو بسورة منه، لكن لا يمكنكم معارضته؛ فيلزم أنه ليس بكاذب؛ فهو إذن صادق.
وقوله-﷿: ﴿عَلى عَبْدِنا﴾ [البقرة: ٢٣] أي: من مثل محمد-﵊-تنبيه على وجه صدقه؛ وهو أن صدور مثل هذا الكلام المعجز للخلق عن أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب، يدل على صدقه قطعا؛ كما أن/ [٢٠/ل] قلب العصاحية وإحياء الموتى، ممن لم يشتغل بعلم السحر ولا الطلب، يدل على صدقه.
وقوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾ (٢٤) [البقرة: ٢٤] معجز معترض في هذا الاستدلال؛ لأنه إخبار عن غيب، بأنهم لا يعارضون القرآن، وكان كما قال. ولقد كان هذا مما يقوي دواعيهم على تعاطي المعارضة، فلو قدروا عليها لفعلوها، ثم لكذبوه في خبره، وقالوا: زعمت أنا لن نفعل وها نحن قد فعلنا؛ فلما لم يعارضوه مع توفر الدواعي على المعارضة، دل على العجز والإعجاز.
قوله ﷿: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾ (٢٤) [البقرة: ٢٤].
مع قوله ﷿: ﴿*وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (١٣٣) [آل عمران: ١٣٣].
يحتج بهما على وجود الجنة والنار في الخارج، خلافا للمعتزلة؛ إذ قالوا: إنما هما موجودتان في العلم لا في الخارج.
حجة الجمهور: هذا النص؛ إذ المعدوم لا يقال له: «أعدّ» فهو معد؛ ولأنه قد ثبت أن
1 / 39