وروى أن بعض أصحابه قال له: أكفار هم؟ فقال: لا، هم إخواننا بغوا علينا، قال الله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله (الحجرات: من الآية 9) فسماهم الله في حال القتال مؤمنين، لم يقل: وإن طائفتان مؤمنة، وكافرة قال عز وجل: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم (الحجرات: من الآية 10)، والصلح لا يكون إلا بعد القتال، وإذا كان إخوة يوسف- مع كونهم أنبياء- والأنبياء أفضل من الصحابة يفعلون بيوسف ما فعلوا- ويوسف أخوهم وشقيقهم- حسدا، فيما يتعلق بأمور الدنيا فمن نزلت درجته عن درجتهم، لا يستبعد منهم ما يجري بينهم من قتال أو غيره فيما يتعلق بأمور الدين، والدليل على أن ما جرى بينهم لم يتعلق بأمور الدنيا، أن عمرو بن العاص كان وزير معاوية، فلما قتل عمار بن ياسر، أمسك عن القتال وتابعه على ذلك خلق كثير، فقال له معاوية: لم لا تقاتل؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار بن ياسر: (تقتلك الفئة الباغية) «1» ونحن قتلناه؛ فدل على أن نحن بغاة.
فقال معاوية: ما نحن قتلناه، قتله من أرسله إلينا يقاتلنا، أما نحن دفعنا عن أنفسنا فقتل، فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه، فقال: إن كنت أنا قتلته فالنبي صلى الله عليه وسلم قاتل حمزة حين أرسله إلى قتال الكفار ولهذا قال بعض أصحابنا إن عليا كان مجتهدا مصيبا فله أجران، ومعاوية كان مجتهدا مخطئا فله أجر «2».
Shafi 401