فتوعّد اللَّه على اتِّبَاع غير سبيل المؤمنين، فكان ذلك أمرًا باتباع سبيلهم.
فَصْلٌ
فإذا ثبت ذلك فالأُمَّة على ضربين: خاصة وعامة، فيجب اعتبار أقوال الخاصة، والعامة فيما كلّفت العامة والخاصة معرفة الحكم فيه.
فأما ما ينفرد الحكام والفقهاء بمعرفته من أحكام الطَّلاق والنكاح والبيوع والعِتْقِ والتدبير والكتابة والجنايات والرهون، وغير ذلك من الأحكام التي لا عِلْمَ للعَامَّةِ بها، فلا اعتبار فيها بخلاف العامّة، وبذلك قال جمهور الفقهاء.
وقال القاضي أَبُو بَكْرٍ: يُعْتبر بأقوال العامّة في ذلك كلّه.
والدليل على ما نقوله: إن العامَّة يلزمهم اتباع العلماء، فيما ذهبوا إليه، ولا يجوز لهم مخالفتهم، فهم في ذلك بمنزلة أهل العصر الثاني مع من تقدمهم، بَلْ حال أهل العصر الثاني أفضل، لأنهم من أهل العلم والاجتهاد.
ثم ثبت أنه لا اعتبار بقول أهل العصر الثاني، مع اتفاق أقوال أهل العصر الأول فبأن لا يعتبر بأقوال العامة مع اتفاق أقوال العلماء أولى وأحرى.
فَصْلٌ
لا ينعقد الإجماع إلا باتفاق جميع العلماء، فإِن شذَّ منهم واحد لم ينعقد الإجماع.
وذهب ابْنُ خُوَيز مِندَاد إِلى أن الواحد والاثنين لا يعتد بهم.
والدليل على ما نقوله قول اللَّه تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: الآية ١٠]، وقد وجد الاختلاف.
فَصْلٌ
إِذَا أجمع العلماء على حكم حادثة انعقد الإِجماع، وحرمت المخالفة، ولا اعتبار في ذلك بانقراض العصر، وعلى هذا أكثر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم.
وقال أَبُو تَمَّام البَصْرِيُّ من أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي لا ينعقد الإجماع إلا بانقراض العصر.
1 / 72