امرئ ما نوى، وأن ينفع به عامة المؤمنين، وأن يغفر لي ولآبائي ولإخواني ولأولادي طينًا ودينًا أجمعين آمين.
وسميته:
"الإشاعة لأشراط الساعة"
وأرجو من النبي ﷺ الشفاعة مع قلة البِضَاعة.
فأقول، وفي ميدان نعمه أجول:
لابُدَّ من مقدمة؛ هي: لَمَّا كان أمر الساعة شديدًا، وهولُها مَزيدًا، وأمدُها بعيدًا؛ فإنَّ الله في ذلك اليوم يَحكُم بين الأولين والآخرين، ويقضي للمؤمنين على الكافرين، ويُميز بين المخلصين والمنافقين؛ كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣)﴾، وقال تعالى: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)﴾، وقال تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)﴾.
وأنها لا تجيء إلَّا بغتةً كما قال تعالى، وقد استأثر بِعِلمها، ولم يُعْلِمْهَا أحدًا من خلقه، أو عَلّمها النبي ﷺ ونهاه عن الإخبار بها؛ تهويلًا لشأنها، وتعظيمًا لأمرها كان الاهتمام بشأنها أكثر من غيرها، وضيرها أكبر من خيرها.
فأكثر النبي ﷺ من بيان أشراطها وأماراتها، وما بين يديها من الفتن القريبة والبعيدة؛ ليكون أَهلُ كلّ قرنٍ على حذرٍ منها، متهيئين لها بالأعمال الصالحات، غير منهمكين في الشهوات واللذات.
فانقسمت الأمارات إلى ثلاثة أقسامٍ:
قسمٍ ظهر وانقضى؛ وهي الأماراتُ البعيدة.
وقسمٍ ظهر ولم ينقضِ، بل لا يزال يَتزايدُ ويتكامل، حتى إذا بلغ الغاية ظهر.
القسم الثالث؛ وهي الأمارات القريبة الكبيرة التي تعقبها الساعة، وإنها تَتتابَعُ كنظام خَرزٍ انقطع سلكها.
فلنذكر كُلّ قسمٍ في باب على حدته.
1 / 27