Haske akan Fitila
الإصباح على المصباح
Nau'ikan
والوارد من الأحاديث النبوية في الوعيد على أنواع المعاصي أكثر من أن تحصر، وأجل من أن تذكر في ضمن غيره وتسطر.
وللمخالفين شبه عقلية وسمعية، أما العقلية: فهو أن قالوا: الغرض بالوعيد الزجر والتخويف، وذلك حاصل مع تجويز العفو.
والجواب: أن مع القطع على لحوق العقاب يكون أبلغ في اللطف والزجر، قالوا: مدح الله العفو ورغب فيه فهو أحق بذلك.
وأيضا فمن توعد من الملوك ثم عفى عد ذلك عدلا ومدح عليه.
والجواب عن الأول: أنه مسلم لو لم يعارضه ما يقبح العقل العفو عنده وهنا قد عارضه ذلك، وهو أنه تعالى لو عفى لكان قد ساوى بين من أحسن وأساء، والمعلوم أن المساواة قبيحة عقلا، فيكون العفو قبيحا.
وأيضا فإنما يستحسن حيث لا يقتضي كذبا، فأما إذا اقتضى إخلاف القول الذي هو كذب فلا يسلم، فيحمل ما رغب الله فيه ومدح عليه على مالا يقتضي مساواة بين محسن ومسيء، ولا يقتضي الكذب للدليل القاضي بذلك.
وعن الثاني: بأن الملك إذا توعد غيره فإما أن يتوعده بأن يظلمه أو يتوعده بما له أن يوصله كالحدود ورد المظلمة، إن توعده بالظلم وهو الأغلب في الشاهد؛ لأن أحدنا لا يستحق على غيره عقوبة، وإنما يستحق عليه أعواضا، والعقوبة على الله تعالى، فمتى أخلف وعيده والحال هذه لم يسم ذلك عفوا؛ لأن العفو إنما يكون عما يستحقه، وإن توعده بما له أن يوصله إليه كالحدود ونحوها لم يسلم أن الخلف فيه يسمى عفوا ولا حسنا ولايمدح عليه، ولكنه يقال على هذا الطرف أن الحدود ونحوها يجب عليه أن يوصلها، والله سبحانه لا يجب عليه إيصال العقاب، فوزان المسألة ما كان للسلطان أن يوصله أو لا يوصله كما لو توعده باستيفاء دين له أوعقوبة له أن يسقطها، كالتعزير، والخصم حينئذ يوافق أن عدم تنفيذ ذلك عدل وحسن يستحق المدح والثناء.
Shafi 96