وَمَا أجزل خيرك الَّذِي خبأته للصالحين الطائعين لأمرك فَهَذَا عجب مِنْهُ ﵇ من كَثْرَة خير الله سُبْحَانَهُ وجزالة مَا خبأه للصالحين من عباده الطائعين لأَمره فِي الدَّار الْآخِرَة وَهُوَ دَلِيل على الملعون لَا لَهُ فَإِن كَلَامه هَذَا هُوَ ككلام سَائِر أَنْبيَاء الله فِي استعظام مَا أعده الله للصالحين من عباده كَمَا قَالَ نَبينَا ﷺ (فِي الْجنَّة مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر) وَمثله فِي الْقُرْآن الْكَرِيم فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين﴾
وَأما قَوْله وَهَكَذَا قَالَ الْعلمَاء الْعَالم الْمُسْتَقْبل لَيْسَ فِيهِ لَا أكل وَلَا شرب إِلَى آخِره فَيُقَال لَهُ إِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة الْيَهُودِيَّة فهم الَّذين لعنوك وكفروك بِسَبَب هَذِه الْمقَالة كَمَا قدمنَا وهم جَمِيعًا يخالفونك ويثبتون الْمعَاد الجسماني وَاللَّذَّات الجسمانية ويكفرون من لم يثبتها كَمَا كفروك ويلعنونه كَمَا يلعنوك وَإِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة النَّصْرَانِيَّة فهم متفقون بأسرهم على إِثْبَات الْمعَاد الجسماني وَإِثْبَات اللَّذَّات الجسمانية والنفسانية فِيهِ وَكَيف يُخَالف مِنْهُم مُخَالف فِي ذَلِك والانجيل مُصَرح بِهَذَا الاثبات تَصْرِيحًا لَا يبْقى عِنْده ريب لمرتاب
وَإِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة الإسلامية فَذَلِك كذب بحت وزور مَحْض فَإِنَّهُم مجمعون على ذَلِك لَا يُخَالف مِنْهُم فِيهِ مُخَالف ونصوص الْقُرْآن من فاتحته إِلَى خاتمته مصرحة بِإِثْبَات الْمعَاد الجسماني وَإِثْبَات تنعم الْأَجْسَام فِيهِ بالمطعم وَالْمشْرَب والمنكح وَغير ذَلِك أَو تعذيبها بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ الْقُرْآن من تِلْكَ الْأَنْوَاع الْمَذْكُورَة فِيهِ وَهَكَذَا النُّصُوص النَّبَوِيَّة المحمدية مصرحة بذلك تَصْرِيحًا يفهمهُ كل عَاقل بِحَيْثُ لَو جمع مَا ورد فِي ذَلِك مِنْهَا لجاء مؤلفا بسيطا
وَأما استدلاله بقوله فِي التَّوْرَاة لكَي يطيب لَك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طيب ويطيل أيامك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طائل فَهَذَا دَلِيل على الملعون لَا لَهُ
1 / 19