255

Irshad Qulub

إرشاد القلوب - الجزء2

Nau'ikan

على عصاه، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله عزوجل من النار، فقال له: اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن، قامت الدنيا بثلاث: عالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغني لا يبخل بماله على أهل دينه، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني، ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله ان الدار قد رجعت إلى بدئها، أي الكفر بعد الايمان.

أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى، إنما(1) الناس ثلاثة: زاهد، وراغب، وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإذا أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من شر عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام.

قال: يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق يتولاه ، وينظر إلى ما خالفه فيبرأ منه وإن كان حميما قريبا، قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، قال: فتبسم علي (عليه السلام).

ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني فلم يقم إليه أحد، ثم قال للحسن (عليه السلام): قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي فيقولون: ان الحسن لا يحسن شيئا، فقال: يا أبت كيف أصعد وأتكلم وأنت في الدنيا تسمع وترى؟ قال: بأبي وامي اواري نفسي عنك وأسمع يا ولدي ولا تراني.

فصعد الحسن (عليه السلام) المنبر فحمد الله بمحامد شريفة بليغة، وصلى على النبي وآله صلاة موجزة، ثم قال: أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه

Shafi 260