ما اشتدَّ من كربكم، وأصلح لكم ما اختلَّ من أحوال عزكم وظفركم بأعدائكم، وآتاكم النصر من أمامكم وورائكم، وأمدَّكم بنصره وعزّه، وأدخلكم في كنفه وحرزه، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: ٧]، أي: إن تنصروا دين الله ورسوله
وخليفته ينصركم ويثبِّت أقدامكم.
فالبدارَ البدارَ معاشرَ المسلمين! والعجلَ العجلَ عبادَ الله المؤمنين! فهذا منادي التوجُّهِ يناديكم، وهذه الآيات والأحاديث تستفزكم لجهاد من طغى عليكم من أعاديكم، مذكَّرةً لكم بعض ما أعدَّ الله ﷿ للمجاهدين من عظيم ثوابه، وما ادَّخر لهم من الخيرات في أعلى الجنة مع خاصة أحبابه؛ فمن كان طالبًا رضوان ربه فهذا أوانه، ومن كان طامعًا في نَيْل قربه فهذا إبانه؛ لأنَّ الأعداء -دمَّرهم الله- قد استفاض من خبرهم بأنهم عازمون على الخروج إليكم، وقد اصطلحوا على الورود عليكم.
فاعزموا هممكم -رحمكم الله- للِإكثار من اكتساب العُدد، من أجاويد الخيل الموصلة للغرض في أقرب الأمد، وأقيموا إليهم الرحلة، وائتوهم على حين غفلة، ولا تعطوهم فترة ولا مُهلة، فعساكم إن أوجفتم عليهم بخيلكم ورَجِلِكم تظفروا إن شاء الله بآمالكم، وتحوزوا جميع ما بأيديهم، وتَغْنَموا أموالهم وأهليهم.
قال ﷺ: "رباط ليلة على ساحل البحر أفضل من قيام الخلائق وصيامهم سنة، فإن مات (١) في رِباط فهو مرابط إلى يوم القيامة" (٢).
_________
(١) كررت في الأصل، خطأ.
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ، ويغني عنه ما أخرجه مسلم (٣/ ١٥٢٠) من حديث =
1 / 39