والركن الثالث وفيه عشر معارف

المعرفة الأولى: أنه تعالى قديم.

وبيانه: أنه لو كان محدثا لم يخلو إما أن يحدث نفسه، أو يحدث غيره، وغيره إما أن يكون فاعلا أو علة، والعلة معدومة أو موجودة، والموجودة محدثة أو قديمة، والفاعل إما محدث وإما قديم، وقد بينا أن ذلك مؤد إلى مالا يعقل، ولا ينفصل السؤال ولا الجواب، وسنبين أن لا قديم إلا واحد، فيبطل أن يكون هناك علة قديمة، أو فاعل قديم مع القديم وإن كان القديم لا يصح أن يفعله فاعل.

المعرفة الثانية أنه تعالى لا يشبه الأشياء، ولا تشبهه

الأشياء، وليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا يتصف بشي ء من خصائص الأجسام، والجواهر والأعراض، من التنقل والزوال، والكون في الأماكن، والتغير من حال إلى حال، والعدم والبطلان، فلا وجه له تعالى إلا ذاته، ولا جنب له تعالى إلا طاعته، ولا يد له تعالى ولا يمين إلا قدرته ونعمته، ولا عين له إلا حفظه لنا وحراسته، ولا يستوي على مكان إلا بالقهر والسلطان، فهو تعالى لا يشبه الأشياء، ولا تشبهه الأشياء، بل هو تعالى كما قال: {ليس كمثله شي ء وهو السميع البصير}(2).

Shafi 216