القسم الثالث وهو تهذيب النفس بالخضوع إلى الله تعالى
في جميع أوامره وفي جميع الطاعات
اعلم أيها الطالب للنجاة وفقك الله تعالى وهداك أن التكليف نعمة من الله تعالى نشرها على عباده ، وذلك أن العادة جارية أن الإنسان يفتخر ويتبجح أن يدعوه الملك ، أو يكتب إليه كتابا على يدي بعض خدمه بأن يصل إليه ، ويقرب منه ، ليدخله في أعلى خدمته ، وهي الولاية على بعض الأقطار لينال منها رغبته ، ويدرك منها أمنيته ، فالملك على الحقيقة هو الله تعالى ، والرسول إلينا هو جبريل عليه السلام الذي لا يقاس بالناس ، والكتاب الذي أرسله به هو القرآن الذي لا يقاس بقراطيس بني آدم وكلامهم ، وقد أنزله على محمد ، وجعله رسولا أيضا إلينا ؛ لأنه آنس لنا من غيره ، وهو أعلى وأشرف من ملوك الدنيا ، فضلا عن خدامهم ورسلهم ، وهذا غاية التشريف لنا ، أن كتب إلينا ربنا عز وجل كما قال تعالى :{وإنه لذكر لك ولقومك}(1) يعني : لشرف عظيم والولاية التي دعا إليها هي ولاية الجنة ، ونعيم الأبد ، الذي لا تنغيص فيه ، ولا شائب يكدره ، ودون هذا يعد نعمة فكيف بهذا.
Shafi 205