107

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Nau'ikan

Tariqa

ثم لو قدرنا أن الأذهان اهتدت إلى إدراك كليتها، وأن الأعضاء قويت على تحمل جملتها فإن الله تعالى أعلم العالمين، وأحكم الحاكمين، وأعدل العادلين قد شرع من الشرائع ما لا يوافق كل الطبائع، فإن مجموع الطباع خلقت من استعجال الإنتفاع، ودفع المضار بإجماع، وغبي عنها من مكنون الحكم ما أدركه باري النسم، وإلا فما قصد العدل الحكيم إلا نفعها، ولا أراد إلا رفعها لا وضعها، فلو اطلعت كلها على ما كان أعد لها، مازالت طائعة خاضعة مذعنة خاشعة، لكن ليس الخبر الصدق عندها كنظر العين، ولا الدرهم النقد في حكمها كالدينار الدين، فمن هاهنا تاهت في العاجلة، واختارت الدنيا على الآخرة.

ومهما صح عندك ما بينت، وتحقق لديك معنى ما شرحت، اتضح لك أنه لا يمكن أن ترضى عنك جميع العباد، ولو اجتهدت كل الإجتهاد ؛ لكن إرضاء هم في المعاشرة يتزايد في الإنسان بحسب العقول والأذهان، ومن دخل في خدمة الملك الجبار، واختار من أمره ما اختار، نظمه في سلك الأطهار، وجعله في زمرة الأبرار، وأرضى عنه الأخيار، وأدنى بمودته الأشرار، حتى يصير منظورا بعين الإجلال، معدودا في أهل الكمال، وإن كان سخيف البزة، فهو مرتد بالعزة من ذي العزة.

فعليك من الأخلاق السنية بما يرضاه عالم الخفية ؛ فإنه تعالى لا يريد منك ظلم عباده، ولا الإفساد في بلاده، كما لا يرضاه منك سلطان بلدك وأمير قطرك، وكلما حسنت منك عشرتهم ظهرت لك بفضل الله تعالى مودتهم، وزانت فيك كلمتهم.

والأن أرشدك إلى حسن المعاشرة مع العباد، على حسب المراد، من غير إيغال ولا إقلال، ولا تطويل ولا إملال إن شاء الله تعالى، ومنه استمد التوفيق والتسديد والإعانة والتأييد والصلاة على محمد وآله.

Shafi 111