(و) الثَّالِث من نواقض الْوضُوء (زَوَال الْعقل) الغريزي بجنون (أَو بسكر) وَإِن لم يَأْثَم بِهِ (أَو) بِعَارِض (مرض) كإغماء أَو بتناول داوء لِأَن ذَلِك أبلغ من النّوم
وَلَا فرق بَين أَن يكون مُتَمَكنًا أم لَا
فَائِدَة قَالَ الْغَزالِيّ الْجُنُون يزِيل الْعقل وَالْإِغْمَاء يغمره وَالنَّوْم يستره
تَنْبِيه علم من كَلَام المُصَنّف أَن أَوَائِل السكر الَّذِي لَا يَزُول بِهِ الشُّعُور لَا ينْقض
وَهُوَ كَذَلِك
القَوْل فِي النَّقْض باللمس وشروطه (و) الرَّابِع من نواقض الْوضُوء (لمس الرجل) ببشرته (الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة) أَي بَشرَتهَا من غير حَائِل لقَوْله تَعَالَى ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ أَي لمستم كَمَا قرىء بِهِ فعطف اللَّمْس على الْمَجِيء من الْغَائِط ورتب عَلَيْهِمَا الْأَمر بِالتَّيَمُّمِ عِنْد فقد المَاء فَدلَّ على أَنه حدث
لَا جامعتم لِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر إِذْ اللَّمْس لَا يخْتَص بِالْجِمَاعِ قَالَ تَعَالَى ﴿فلمسوه بِأَيْدِيهِم﴾ وَقَالَ ﷺ لَعَلَّك لمست وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يكون بِشَهْوَة أَو إِكْرَاها أَو نِسْيَان أَو يكون الرجل ممسوحا أَو خَصيا أَو عنينا أَو الْمَرْأَة عجوزا شوهاء أَو كَافِرَة بتمجس أَو غَيره أَو حرَّة أَو رقيقَة أَو أَحدهمَا مَيتا لَكِن لَا ينْتَقض وضوء الْمَيِّت
واللمس الجس بِالْيَدِ
وَالْمعْنَى فِيهِ أَنه مَظَنَّة ثوران الشَّهْوَة
وَمثله فِي ذَلِك بَاقِي صُورَة الالتقاء فَألْحق بِهِ بِخِلَاف النَّقْض بِمَسّ الْفرج كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ مُخْتَصّ بِبَطن الْكَفّ لِأَن الْمس إِنَّمَا يثير الشَّهْوَة بِبَطن الْكَفّ
واللمس يثيرها بِهِ وَبِغَيْرِهِ
والبشرة ظَاهر الْجلد وَفِي مَعْنَاهَا كلحم الْأَسْنَان وَاللِّسَان واللثة وبطن الْعين
وَخرج مَا إِذا كَانَ على الْبشرَة حَائِل وَلَو رَقِيقا
نعم لَو كثر الْوَسخ على الْبشرَة من الْعرق فَإِن لمسه ينْقض لِأَنَّهُ صَار كالجزء من الْبدن بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ من غُبَار
وَالسّن وَالشعر وَالظفر كَمَا سَيَأْتِي
وَبِالرجلِ وَالْمَرْأَة الرّجلَانِ والمرأتان والخنثيان وَالْخُنْثَى مَعَ الرجل أَو الْمَرْأَة وَلَو بِشَهْوَة لانْتِفَاء مظنتها ولاحتمال التوافق فِي صُورَة الْخُنْثَى
وَالْمرَاد بِالرجلِ الذّكر إِذا بلغ حدا يشتهى لَا الْبَالِغ
وبالمرأة الْأُنْثَى إِذا بلغت حدا يشتهى كَذَلِك لَا الْبَالِغَة
تَنْبِيه لَو لمست الْمَرْأَة رجلا أَجْنَبِيّا أَو الرجل مرأة أَجْنَبِيَّة هَل ينْتَقض وضوء الْآدَمِيّ أم لَا يَنْبَغِي أَن يبْنى ذَلِك على صِحَة مناكحتهم وَفِي ذَلِك خلاف يَأْتِي فِي النِّكَاح إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَلَا ينْقض لمس محرم لَهُ بِنسَب أَو رضَاع أَو مصاهرة وَلَو بِشَهْوَة لِأَنَّهَا لَيست مَظَنَّة للشهوة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَرجل وَلَو شكّ فِي الْمَحْرَمِيَّة لم ينْتَقض وضوءه
لِأَن الأَصْل الطَّهَارَة وَظَاهر كَلَامهم أَن الحكم كَذَلِك وَإِن اخْتلطت محرمه بأجنبيات غير محصورات وَهُوَ كَذَلِك لِأَن الطُّهْر لَا يرفع بِالشَّكِّ نعم إِن تزوج بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ انْتقض وضوءه بلمسها
لِأَن الحكم لَا يَتَبَعَّض
1 / 62