كَانَ لَهُ شعر يَنْقَلِب وَحِينَئِذٍ يكون الذّهاب وَالرَّدّ مسحة وَاحِدَة لعدم تَمام المسحة بالذهاب فَإِن لم يَنْقَلِب شعره لضفره أَو لقصره أَو عَدمه لم يرد لعدم الْفَائِدَة فَإِن ردهما لم تحسب ثَانِيَة لِأَن المَاء صَار مُسْتَعْملا
فَإِن قيل هَذَا مُشكل بِمن انغمس فِي مَاء قَلِيل نَاوِيا رفع الْحَدث ثمَّ أحدث وَهُوَ منغمس ثمَّ نوى رفع الْحَدث فِي حَال انغماسه فَإِن حَدثهُ يرْتَفع ثَانِيًا
أُجِيب بِأَن مَاء الْمسْح تافه فَلَيْسَ لَهُ قُوَّة كقوة هَذَا وَلذَلِك لَو أعَاد مَاء غسل الذِّرَاع مثلا ثَانِيًا لم يحْسب لَهُ غسلة أُخْرَى لِأَنَّهُ تافه بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَاء الانغماس
تَنْبِيه إِذا مسح كل رَأسه هَل يَقع كُله فرضا أَو مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم وَالْبَاقِي سنة وَجْهَان
كَنَظِيرِهِ من تَطْوِيل الرُّكُوع وَالسُّجُود وَالْقِيَام وَإِخْرَاج الْبَعِير عَن خمس فِي الزَّكَاة وَاخْتلف كَلَام الشَّيْخَيْنِ فِي كتبهما فِي التَّرْجِيح فِي ذَلِك وَرجح صَاحب الْعباب أَن مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم فِي الرَّأْس فرض وَالْبَاقِي تطوع وَمثله فِي ذَلِك مَا أمكن فِيهِ التجزي كالركوع بِخِلَاف مَا لم يُمكن كبعير الزَّكَاة وَهُوَ تَفْصِيل حسن
(القَوْل فِي الْمسْح على الْعِمَامَة) فَإِن كَانَ على رَأسه نَحْو عِمَامَة كخمار وقلنسوة وَلم يرد رفع ذَلِك كمل بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا وَإِن لبسهَا على حدث لخَبر مُسلم أَنه ﷺ تَوَضَّأ فَمسح بناصيته وعَلى عمَامَته
وَسَوَاء أعْسر تنحيتها أم لَا
وَيفهم من قَوْلهم كمل أَنه لَا يَكْفِي الِاقْتِصَار على الْعِمَامَة وَنَحْوهَا وَهُوَ كَذَلِك
(القَوْل فِي مسح الْأُذُنَيْنِ وكيفيته) (و) السَّادِسَة (مسح) جَمِيع (أُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما بِمَاء جَدِيد) لِأَنَّهُ ﷺ مسح فِي وضوئِهِ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما وَأدْخل أصبعيه فِي صماخي أُذُنَيْهِ وَيَأْخُذ لصماخيه أَيْضا مَاء جَدِيدا
وَكَيْفِيَّة الْمسْح أَن يدْخل مسبحتيه فِي صماخيه ويديرهما فِي المعاطف ويمر إبهاميه على ظَاهر أُذُنَيْهِ ثمَّ يلصق كفيه وهما مبلولتان بالأذنين استظهارا
والصماخ بِكَسْر الصَّاد وَيُقَال بِالسِّين هُوَ خرق الْأذن وَتَأْخِير مسح الْأُذُنَيْنِ عَن الرَّأْس مُسْتَحقّ كَمَا هُوَ الْأَصَح فِي الرَّوْضَة وَلَو أَخذ بأصابعه مَاء لرأسه فَلم يمسحه بِمَاء بَعْضهَا وَمسح بِهِ الْأُذُنَيْنِ كفى لِأَنَّهُ مَاء جَدِيد
فَائِدَة روى الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله ﷺ إِن الله أَعْطَانِي نَهرا يُقَال لَهُ الْكَوْثَر فِي الْجنَّة لَا يدْخل أحدكُم أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ إِلَّا سمع خرير ذَلِك النَّهر
قَالَت فَقلت يَا رَسُول الله وَكَيف ذَلِك قَالَ أدخلي أصبعيك فِي أذنيك وسدي فَالَّذِي تسمعين فيهمَا من خرير الْكَوْثَر وَهَذَا النَّهر يتشعب مِنْهُ أَنهَار الْجنَّة وَهُوَ مُخْتَصّ بنبينا ﷺ
نسْأَل الله تَعَالَى من فَضله وَكَرمه أَن يمن علينا وعَلى محبينا بالشرب مِنْهُ فَإِن من شرب مِنْهُ شربة لَا يظمأ بعْدهَا أبدا
(الْكَلَام على تَخْلِيل اللِّحْيَة) (و) السَّابِعَة (تَخْلِيل اللِّحْيَة الكثة) وكل شعر يَكْفِي غسل ظَاهره بالأصابع من أَسْفَله لما روى التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ أَنه
1 / 49