(القَوْل فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق) (و) الثَّالِثَة (الْمَضْمَضَة) وَهِي جعل المَاء فِي الْفَم وَلَو من غير إدارة فِيهِ وَمَج مِنْهُ (و) الرَّابِعَة (الِاسْتِنْشَاق) بعد الْمَضْمَضَة وَهُوَ جعل المَاء فِي الْأنف وَإِن لم يصل إِلَى الخيشوم وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأما خبر تمضمضوا واستنشقوا فضعيف
(تَقْدِيمهَا على الْوَجْه مُسْتَحقّ) تَنْبِيه تَقْدِيم غسل الْيَدَيْنِ على الْمَضْمَضَة وَهِي على الِاسْتِنْشَاق مُسْتَحقّ لَا مُسْتَحبّ عكس تَقْدِيم الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وَفرق الرَّوْيَانِيّ بِأَن الْيَدَيْنِ مثلا عضوان متفقان اسْما وَصُورَة بِخِلَاف الْفَم وَالْأنف
فَوَجَبَ التَّرْتِيب بَينهمَا كَالْيَدِ وَالْوَجْه فَلَو أَتَى بالاستنشاق مَعَ الْمَضْمَضَة حسبت دونه وَإِن قدمه عَلَيْهَا فقضية كَلَام الْمَجْمُوع أَن الْمُؤخر يحْسب
وَقَالَ فِي الرَّوْضَة لَو قدم الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق على غسل الْكَفّ لم يحْسب الْكَفّ على الْأَصَح
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَصَوَابه ليُوَافق مَا فِي الْمَجْمُوع لم تحسب الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق على الْأَصَح انْتهى
وَالْمُعْتَمد مَا فِي الرَّوْضَة لقَولهم فِي الصَّلَاة الثَّالِث عشر تَرْتِيب الْأَركان خرج السّنَن فيحسب مِنْهَا مَا أوقعه أَولا فَكَأَنَّهُ ترك غَيره فَلَا يعْتد بِفِعْلِهِ بعد ذَلِك كَمَا لَو تعوذ ثمَّ أَتَى بِدُعَاء الِافْتِتَاح
وَمن فَوَائِد غسل الْكَفَّيْنِ والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق أَولا معرفَة أَوْصَاف المَاء وَهِي اللَّوْن والطعم والرائحة هَل تَغَيَّرت أَو لَا وَيسن أَخذ المَاء بِالْيَدِ الْيُمْنَى وَيسن أَن يُبَالغ فيهمَا غير الصَّائِم لقَوْله ﷺ فِي رِوَايَة صحّح ابْن الْقطَّان إسنادها إِذا تَوَضَّأت فأبلغ فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق مَا لم تكن صَائِما وَالْمُبَالغَة فِي الْمَضْمَضَة أَن يبلغ المَاء إِلَى أقْصَى الحنك ووجهي الْأَسْنَان واللثات وَيسن إدارة المَاء فِي الْفَم ومجه وإمرار أصْبع يَده الْيُسْرَى على ذَلِك وَالِاسْتِنْشَاق أَن يصعد المَاء بِالنَّفسِ إِلَى الخيشوم وَيسن الاستنثار لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خبر الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ أَن يخرج بعد الِاسْتِنْشَاق مَا فِي أَنفه من مَاء وأذى بخنصر يَده الْيُسْرَى وَإِذا بَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق فَلَا يستقصي فَيصير سعوطا لَا استنشاقا قَالَه فِي الْمَجْمُوع
أما الصَّائِم فَلَا تسن لَهُ الْمُبَالغَة بل تكره لخوف الافطار كَمَا فِي الْمَجْمُوع
فَإِن قيل لم لم يحرم ذَلِك كَمَا قَالُوا بِتَحْرِيم الْقبْلَة إِذا خشِي الْإِنْزَال مَعَ أَن الْعلَّة فِي كل مِنْهُمَا خوف الْفساد
أُجِيب بِأَن الْقبْلَة غير مَطْلُوبَة بل دَاعِيَة لما يضاد الصَّوْم من الْإِنْزَال بِخِلَاف الْمُبَالغَة فِيمَا ذكر وَبِأَنَّهُ هُنَا يُمكنهُ إطباق الْحلق وَمَج المَاء وَهُنَاكَ لَا يمنكه رد الْمَنِيّ إِذا خرج لِأَنَّهُ مَاء دافق وَبِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ فِي الْقبْلَة إِفْسَاد لعبادة اثْنَيْنِ
(الْجمع والفصل فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق) وَالْأَظْهَر تَفْضِيل الْجمع بَين الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق على الْفَصْل بَينهمَا لصِحَّة الْأَحَادِيث الصَّرِيحَة فِي ذَلِك وَلم يثبت فِي الْفَصْل شَيْء كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي مَجْمُوعه وَكَون الْجمع بِثَلَاث غرف يتمضمض من كل ثمَّ يستنشق مرّة أفضل من الْجمع بغرفة يتمضمض مِنْهَا ثَلَاثًا ثمَّ يستنشق ثَلَاثًا أَو يتمضمض مِنْهَا ثمَّ يستنشق مرّة ثمَّ كَذَلِك ثَانِيَة وثالثة للْأَخْبَار الصَّحِيحَة فِي ذَلِك
وَفِي الْفَصْل كيفيتان أفضلهما يتمضمض بغرفة ثَلَاثًا ثمَّ يستنشق بِأُخْرَى ثَلَاثًا وَالثَّانيَِة أَن يتمضمض بِثَلَاث غرفات ثمَّ يستنشق بِثَلَاث غرفات وَهَذِه أنظف الكيفيات وأضعفها وَالسّنة تتأدى بِوَاحِدَة من هَذِه الكيفيات لما علم أَن الْخلاف فِي الْأَفْضَل مِنْهَا
فَائِدَة فِي الغرفة لُغَتَانِ الْفَتْح وَالضَّم فَإِن جمعت على لُغَة الْفَتْح تعين فتح الرَّاء وَإِن جمعت على لُغَة الضَّم جَازَ إسكان الرَّاء وَضمّهَا وَفتحهَا
فتلخص فِي غرفات أَربع لُغَات
(القَوْل فِي مسح جَمِيع الرَّأْس) (و) الْخَامِسَة (مسح جَمِيع الرَّأْس) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وخروجا من خلاف من أوجبه وَالسّنة فِي كيفيته أَن يضع يَده على مقدم رَأسه ويلصق سبابته بِالْأُخْرَى وإبهاميه على صدغيه ثمَّ يذهب بهما إِلَى قَفاهُ ثمَّ يردهما إِلَى الْمَكَان الَّذِي ذهب مِنْهُ إِن
1 / 48