144

Iqaz Himam

إيقاظ همم أولي الأبصار

Mai Buga Littafi

دار المعرفة

Inda aka buga

بيروت

فَإِن قَالُوا بل هَذِه الْأَقْوَال المتضادة المتعارضة الَّتِي يُنَاقض بَعْضهَا بَعْضًا كلهَا دين الله خَرجُوا عَن نُصُوص أئمتهم فَإِن جَمِيعهم على أَن الْحق فِي وَاحِد من الْأَقْوَال كَمَا أَن الْقبْلَة فِي جِهَة من الْجِهَات وَخَرجُوا عَن نُصُوص الْقُرْآن وَالسّنة والمعقول الصَّرِيح وَجعلُوا دين الله تَابعا لآراء الرِّجَال وَإِن قَالُوا الصَّوَاب الَّذِي لَا صَوَاب غَيره أَن دين الله وَاحِد وَهُوَ مَا أنزل الله بِهِ كِتَابه وَأرْسل بِهِ رَسُوله وارتضاه لِعِبَادِهِ كَمَا أَن نبيه وَاحِد والقبلة وَاحِدَة فَمن وَافقه فَهُوَ الْمُصِيب وَله أَجْرَانِ وَمن أخطأه فَلهُ أجر وَاحِد على اجْتِهَاده لَا على خطأه قيل لَهُم فَالْوَاجِب إِذا طلب الْحق وبذل الِاجْتِهَاد فِي الْوُصُول إِلَيْهِ بِحَسب الْإِمْكَان لِأَن الله سُبْحَانَهُ أوجب على الْخلق تقواه بِحَسب الِاسْتِطَاعَة وتقواه فعل مَا أَمر بِهِ وَترك مَا نهي عَنهُ فَلَا بُد أَن يعرف العَبْد مَا أَمر بِهِ ليفعله وَمَا نهي عَنهُ ليجتنبه وَمَا أُبِيح لَهُ ليَأْتِيه وَمَعْرِفَة هَذَا لَا يكون إِلَّا بِنَوْع الِاجْتِهَاد وَطلب وتحر للحق فَإِذا لم يَأْتِ بذلك فَهُوَ فِي عُهْدَة الْأَمر ويلقى الله وَلما يقْض مَا أمره بِهِ الْوَجْه الْخَامِس وَالْعشْرُونَ أَن دَعْوَة النَّبِي ﷺ عَامَّة لمن كَانَ فِي عصره وَلمن يَأْتِي بعده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْوَاجِب على من بعد الصَّحَابَة هُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِم بِعَيْنِه وَإِن تنوعت صِفَاته وكيفياته باخْتلَاف الْأَحْوَال وَمن الْمَعْلُوم بالاضطرار أَن الصَّحَابَة لم يَكُونُوا يعرضون مَا يسمعونه مِنْهُ ص على أَقْوَال عُلَمَائهمْ بل لم يكن لعلمائهم قَول غير قَوْله فَلم يكن أحد يتَوَقَّف فِي قبُول مَا سَمعه مِنْهُ على مُوَافقَة مُوَافق أَو رَأْي ذِي رَأْي اصلا وَكَانَ هَذَا هُوَ الْوَاجِب الَّذِي لَا يتم الْإِيمَان إِلَّا بِهِ وَهُوَ بِعَيْنِه الْوَاجِب علينا وعَلى سَائِر الْمُكَلّفين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمَعْلُوم أَن هَذَا الْوَاجِب لَا ينْسَخ بعد مَوته وَلَا هُوَ مُخْتَصّ بالصحابة فَمن خرج عَن ذَلِك فقد خرج عَن نفس مَا يُوجِبهُ الله تَعَالَى وَرَسُوله ص الْوَجْه السَّادِس وَالْعشْرُونَ أَن أَقْوَال الْعلمَاء وآراءهم لَا تنضبط وَلَا تَنْحَصِر وَلم تضمن لَهَا الْعِصْمَة إِلَّا إِذا اتَّفقُوا وَلم يَخْتَلِفُوا فَلَا يكون اتِّفَاقهم إِلَّا حَقًا وَمن الْمحَال أَن يحيلنا الله تَعَالَى وَرَسُوله ص على مَالا يَنْضَبِط وَلَا ينْحَصر وَلم يضمن لنا عصمته من الْخَطَأ وَلم يقم لنا دَلِيلا على أَن أحد الْقَائِلين أولى بِأَن نَأْخُذ بقوله كُله من الآخر بل نَتْرُك قَول هَذَا كُله ونأخذ قَول هَذَا كُله هَذَا محَال أَن يشرعه الله تَعَالَى ويرضى بِهِ إِلَّا إِذا كَانَ أحد الْقَائِلين رَسُولا وَالْآخر كَاذِبًا على الله سُبْحَانَهُ فالغرض حِينَئِذٍ بَيَان أَن مَا يعتمده هَؤُلَاءِ المقلدون مَعَ متبوعهم ومخالفهم غير منضبط فمحال أَن يحيلنا الله تَعَالَى وَرَسُوله ص على ذَاك الْوَجْه السَّابِع وَالْعشْرُونَ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ بَدَأَ الدّين غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ وَأخْبر أَن الْعلم يقل فَلَا بُد من وُقُوع مَا أخبر بِهِ الصَّادِق وَمَعْلُوم أَن كتب المقلدين

1 / 145