القدرة الصالحة المقصودة هنا: أن يكون الداعية حسن الخلق، وأن يوافق قوله (١). ثانيًا: أهمية القدوة الصالحة في الدعوة إلى الله تعالى: إن التطبيق العملي لمبادئ الإسلام أوقع في النفس، وأدعى للإقناع من الكلام النظري فالمدعو إذا رأى المبادئ النظرية مطبقة على أرض الواقع، كان ذلك أهدى لعقله، وأجذب لقلبه من قراءة تلك المبادئ مسطورة في كتاب، أو سماعها في خطبة؛ لأن ذلك كفيل بإظهار جمال الدين الإسلامي وحسن هديه (٢). وقد كانت دعوة الرسول ﷺ مشتملة على الحال والمقال، فقد لُقب قبل بعثة النبي ﷺ بالصادق الأمين ودخل الكثير من مشركي العرب واليهود والنصارى في الإسلام تأثرًا منهم بحسن تعامله (٣)، وكريم خصاله. وكانت أفعاله ﵊ مطابقة لأقواله، فما دعا إلى هدى إلا وكان أول من يفعله، وما نهى عن أمر إلا وكان أول ممتثل، ومن الشواهد على ذلك ما يلي: ١: كان لبس الذهب مباحًا للرجال أول الإسلام ثم نسخ، فلما أراد الرسول ﵊ أن ينهاهم عن فعله قال في الحديث الذي رواه بن عمر ﵁: إني اتخذت خاتمًا من ذهب فنبذه وقال: إن لن ألبسه أبدًا فنبذ الناس خواتيمهم (٤)

(١) انظر أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان، ٤٨٦. (٢) انظر الإعلام في صدر الإسلام، د، عبد اللطيف حمزة، ط ١، دار الفكر بيروت، ١٩٧١ م، ٦٩. (٣) سيرة رسول الله ﷺ الرحيق المختوم، الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، ط ١، دار الخير، بيروت، ١٤١٧ هـ، ٦١ - ٦٢، كيف انتشر الإسلام، مؤيد الكيلاني، ط، د دار الكتاب العربي، بيروت بدون سنة طبع، ١٧ - ١٨. (٤) متفق عليه صحيح البخاري واللفظ له، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بأفعال النبي ﷺ، ١٢٥٥، رقم، ٧٢٩٨، صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال ونسخ ما كان من إباحة في أول الإسلام، ٩٣٥، رقم ٥٤٧٣.