وما كان عليه السابقون الأولون. وما سوى هذا من الأمور المحدثة: فلا تستحب، وإن اشتملت أحيانا على فوائد، لأننا نعلم أن مفاسدها راجحة على فوائدها (١) .
ولما قرر ﵀: أن تحري الدعاء عند القبور منهي عنه. قال: ولا يدخل في هذا الباب أن قوما سمعوا السلام من قبر النبي ﷺ، أو قبور غيره من الصالحين، وأن سعيد بن المسيب (٢) كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة. / فهذا كله حق ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم.
قال: وكذلك أيضا ما يروى أن رجلا جاء إلى قبر النبي ﷺ، وشكا إليه الجب عام الرمادة، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج فيستسقي بالناس (٣) .
فإن هذا ليس من هذا الباب.
وكذلك سؤال بعضهم للنبي ﷺ، أو غيره حاجة فتقضى. فإن هذا قد وقع كثيرا، وليس هو مما نحن فيه (٤) .
إلى أن قال: وكل هذا لا يقتضي استحباب الصلاة عند القبور، ولا قصد الدعاء والنسك عندها؛ لما في قصد العبادات عندها من المفاسد التي علمها الشارع (٥) .
_________
(١) "الاقتضاء"٢/٦٩٧.
(٢) ابن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار. ت بعد التسعين تقريب/٢٤١.
(٣) أخرجه البيهقي عن مالك بن أنس بإسناد صحيح كما قال الحافظ ابن كثير في "التاريخ"٧/٩٢.
(٤) "الاقتضاء"٢/٧٢٨.
(٥) المصدر السابق٢/٧٢٨.
1 / 40