قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه – في أثناء كلام له: - والضالون مستخفون بتوحيد الله: يعظمون دعاء غيره من الأموات، وإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشرك استخفوا به، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا * إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ الآية (١) .
فاستهزأوا بالرسول لما نهاهم عن الشرك، وما زال المشركون يسبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون إذا دعوهم إلى التوحيد؛ لما في أنفسهم من تعظيم الشرك.
وكذلك من فيه (٢) شبه منهم: إذا رأوا من يدعو إلى التوحيد، استهزأوا بذلك (٣)؛ لما عندهم من الشرك.
ومن كيد الشيطان لمبتدعة هذه الأمة- المشركين (٤) بالبشر من المقبورين وغيرهم-: لما (٥) علم عدو الله أن كل من قرأ القرآن أو سمعه، ينفر من الشرك ومن عبادة غير الله. ألقى في قلوب الجهال أن هذا الذي يفعلونه مع المقبورين وغيرهم، ليس عبادة لهم، وإنما هو توسل وتشفع بهم، والتجاء إليهم ونحو ذلك.
فسلب العبادة والشرك اسمهما (٦) من قلوبهم، وكساهما أسماء لا تنفر عنها القلوب، ثم ازداد اغترارهم وعظمت الفتنة، بأن صار بعض من ينسب (٧) إلى علم ودين يسهل عليهم ما ارتكبوه من الشرك، ويحتج
_________
(١) سورة الفرقان الآيتان ٤٢،٤٣.
(٢) (ط): فيهم.
(٣) (ط): به.
(٤) (ع): من المشركين.
(٥) (ط): ولما.
(٦) الأصل: اسمها.
(٧) الأصل: ما.
1 / 37