ولما سمع عدي بن حاتم – وهو نصراني – قول الله تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ﴾ (١) قال للنبي ﷺ: إنا لسنا نعبدهم!! قال: " أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟! " قال. قلت: بلى! قال: "فذلك/ عبادتهم" (٢)، فعدي ﵁: ما كان يحسب أن موافقتهم فيما ذكر عبادة منهم لهم (٣) . فأخبره (٤) ﷺ أن ذلك عبادة منهم لهم، مع أنهم لا يعتقدونه عبادة لهم.
وكذلك ما يفعله عباد القبور: من دعاء أصحابها، وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور. عبادة منهم للمقبورين، وإن كانوا لا يسمونه ولا يعتقدونه عبادة.
وكذلك الذين قالوا للنبي ﷺ: اجعل لنا ذات أنواط. ما كانوا يظنون أن قولهم: اجعل لنا ذات أنواط، كقول بني إسرائيل: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة.
ولم يظنوا أن هذا من التأله لغير الله الذي تنفيه: لا إله إلا الله؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله، ويعرفون معناها-لأنهم العرب – لكن
_________
(١) سورة التوبة آية ٣١.
(٢) أخرجه الترمذي في "الجامع " رقم ٣٠٩٤وقال: هذا حديث غريب، وأخرجه ابن جرير في "التفسير" رقم ٦١٦٣٢، ٦١٦٣٣،والبيهقي في "السنن الكبرى"١٠/١١٦، وابن أبي شيبة في "المصنف"١٣/٤١١، والمزي في"تهذيب الكمال"٢/١٠٩٠، وأخرجه ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه كما في "الدر المنثور" ٤/١٧٤ من حديث عدي بن حاتم، وحسنه الترمذي كما في المصدر السابق وكتاب "التوحيد" للشيخ محمد بن عبد الوهاب١/١٠٢ (مجموعة مؤلفات) والألباني في "غاية المرام"/٦.
(٣) (ط): لهم. ساقطة.
(٤) (ع) (ط): فأخبر.
1 / 34