443

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Yankuna
Yaman

أما أولا: فالحديث المشهور إنما ورد بالرش، فأما هذا الحديث بالنضح فعلى ناقله التصحيح.

وأما ثانيا: فالنضح إذا كثر فهو مسيل الماء عنه وليس في ظاهر الحديث ما يشعر بأن الماء لم يسل عنه، فلعله قد سال لما كثر نضحه، وفيه ما نريده من سيلان الماء عنه، وذلك أقل ما يجري في غسل النجاسة.

قالوا: الغلام أمارة بلوغه بأمر طاهر وهو المني، والجارية أمارة بلوغها بشيء نجس وهو الحيض، فلأجل ذلك اختلفا في تطهير بولهما.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأن رد البول إلى البول أولى من رده إلى الحيض والمني لما في ذلك من البعد والتفاوت.

وأما ثانيا: فلأنا نقول: أليس قد اتفق الحيض والمني في كونهما أمارة للبلوغ مع اختلافهما في الحقائق والأحكام؟ فلا بد من بلى، فهكذا نقول: يجب اتفاق بول الجارية وبول الغلام في كيفية الغسل، وإن اختلفا فيما وراء ذلك، فبطل ما توهموه.

قالوا: البول يختلف حاله في الإزالة والتطهير، فمنه ما يحتاج في تطهيره إلى ماء كثير وهو بول المحرور(¬1)، فإن بوله ثخين أصفر له رائحة خبيثة فلا يزول إلا بماء كثير. وبول من كانت الرطوبة غالبة عليه والبلغم، أبيض رقيق لا رائحة له يزول بماء قليل، وإذا كان الأمر كما قلناه، فنقول: إن بول الجارية أصفر ثخين، وبول الغلام أبيض رقيق فلأجل هذا اختلفا في الإزالة كما قلناه.

قلنا: الموجب لغسل الثوب شرعا كونه بولا، وجميع الأبوال متفقة في كونها أبوالا، فيجب اتفاقهما في الغسل من غير مخالفة بينهما.

ومن وجه آخر: وهو أن ما ذكرتموه إنما هو تعويل على اختلاف الأمزجة والأمراض والعلل وليس من الأدلة الشرعية في ورد ولا صدر، وكلامنا إنما هو في ما تناولته الأدلة الشرعية، وتدل عليه وتكون مرشدة إليه، فبطل الالتفات إليها والتعويل عليها.

Shafi 451