367

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

والمختار: ما عول عليه أئمة العترة ومن وافقهم من علماء الأمة لما حكيناه عنهم في الاستدلال؛ ونزيد هاهنا وهو أن الشعر والوبر والصوف لو كانت نجسة من الميتة لوجب الحكم عليها بالنجاسة ولو كان الحيوان حيا، لقوله : (( ما أبين من الحي فهو ميت )). فلما توافقنا على أنها طاهرة وإن قطعت من الحيوان في حال حياته، دل ذلك على طهارته وإن قطعت بعد موته. والجامع بينهما: هو أنه لا حياة فيها فلهذا كانت طاهرة.

الانتصار: يكون بإبطال ما جعلوه عمدة لهم.

قالوا: الآية دالة على تحريم الميتة، ولم تفصل بين بعض وبعض منها، والصوف والشعر والظفر والقرن من أبعاضها فيجب أن تكون نجسة.

قلنا: ليس في ظاهر الآية ما يدل على النجاسة وإنما هي نص في التحريم، وكم من المحرمات ما هو ممنوع حرام وليس نجسا كالأنصاب والأزلام - وهي قداح الميسر - فليس في ظاهر الآية إلا مطلق التحريم، وليس فيه دلالة على النجاسة، وكلامنا إنما هو في نجاستها دون تحريمها. على أنا نقول: المقصود هو تحريم أكلها، والأكل بمعزل عن النجاسة، فنحن نقول بأنه لا يجوز أكلها ويجوز استعمال ما كان طاهرا منها مما لا تحله الحياة كالصوف والشعر والقرن، ثم إنا وإن سلمنا العموم كما زعمتم، لكنا نخصها بما ذكرناه من الأدلة، فنستعمل العموم فيما عدا ما ذكرناه، ونستعمل الخصوص فيما تناولته أدلتنا، فيكون عملا بالدليلين جيمعا ولا حاجة إلى إبطال أحدهما، فيخرج ما لا تحله الحياة من صوف أو شعر أو قرن أو غير ذلك، ويبقى ما عداها.

قالوا: الخبر دال على منع الانتفاع من الميتة.

قلنا: عنه جوابان:

أما أولا: فلا نسلم اندارج هذه الأشياء تحت عموم الخبر؛ لأن الميتة إنما تكون لما فارق الحياة وكان ميتا، وهذه الأشياء ليس فيها حياة قبل الموت ولا بعده فلا يطلق عليها اسم الميتة لما ذكرناه.

وأما ثانيا: فهب أنا سلمنا اندراجها تحت العموم لكنها خرجت بالأدلة التي ذكرناها من أجل الخصوص، فيكون الخبر معمولا به في غير ما تناولته أدلتنا الخاصة، وفيه الوفاء على العمل بالدليلين كما أشرنا إليه.

قالوا: جزء متصل بذي روح ينمو بنمائه فوجب أن ينجس بالموت كالظهر والبطن.

Shafi 374