295

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

الصورة الأولى: إذا كان هاهنا رجلان معهما إناءان أحدهما نجس لزمهما التحري، فإن تحريا فأدى اجتهاد كل واحد منهما إلى التوضؤ بكل واحد من الإناءين، فإنه يلزمهما استعمالهما؛ لأنه إذا أدى اجتهادهما إلى ذلك، فإن توضأ كل واحد منهما بما أدى إليه اجتهاده لم يجز لأحدهما أن يأتم بالآخر في الصلاة عند أئمة العترة، وهو قول أكثر الفقهاء: أبي حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك.

وحكي عن أبي ثور جواز ذلك.

والحجة على ذلك: هو أن كل واحد منهما لما أعمل فكره في التحري، فإنه يعتقد أن الآخر قد توضأ بالماء النجس فلا يجوز له أن يأتم بمن يعتقد ويغلب على ظنه أنه متلوث بالنجاسة وأنه في غير صلاة.

والحجة لأبي ثور، هو أن كل واحد منهما صحيح الصلاة في نفسه لنفسه، فلم لا يجوز أن يصلي خلف من صلاته صحيحة لنفسه؟

والمختار: ما قاله أبو ثور.

والحجة على ذلك: هو أن الحق أن الآراء صائبة في الاجتهاد، وإذا كان الأمر كما قلناه فصلاة كل واحد منهما صحيحة عند نفسه لنفسه لا محالة، فلهذا فإنا لا نأمره بقضائها بعد تأديتها على هذه الصفة، ولا يعد تاركا للصلاة، فالإمام صلاته مجزئة بالاتفاق، والمأموم يجب أن تكون صلاته مجزئة أيضا؛ لأنه مصل خلف من صلاته صحيحة عند الله تعالى.

الانتصار: قالوا: المأموم يعتقد فساد صلاة الإمام فلا تجوز له الصلاة خلفه.

قلنا: هذا فاسد؛ لأن اعتقاده بفساد صلاة الإمام لا يقطع الائتمام به من جهة أن عنده أن صلاة الإمام صحيحة لنفسه فليس أحد الاعتقادين بالعمل عليه أحق من الآخر، فلا يمتنع من الصلاة خلفه [لاعتقاده] لفسادها، بالإضافة إلى المأموم بأولى من أن يقتدى بصحة صلاته، بالإضافة إليه في نفسه من غير تفرقة، ثم إن ما ذكرتموه يؤدي إلى خرق الإجماع بتقدم المرضي للصلاة ورعا ودينا، والتخلف عنه لغير موجب يمنع شرعا. وسيأتي لهذه المسألة مزيد تقرير نكشف الغطاء فيه عن سرها وحقيقتها بمعونة الله تعالى. فإن صلى أحدهما بالآخر على رأي من منع من ذلك، صحت صلاة الإمام لكونه مستقلا بنفسه من غير متابعة، وبطلت صلاة المأموم لكونه متابعا.

Shafi 300