Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Nau'ikan
والحجة على ما اخترناه من الكراهة فيمن ذكرناه: هو أنه إذا كان المعلوم من حالهم ما ذكرناه من التدين باستعمال النجاسات، فهم لا محالة إلى مخالطتها أقرب، فلهذا كره للوجه الذي لخصناه. فأما سراويلاتهم وما يختص أسافلهم من الثياب كالمآزر ونحوها، فهي أشد كراهة من جهة أن النجاسة تسيح إليها وهي بها ألصق من غيرها، فمن أجل ذلك كانت أشد كراهة، فلهذا قال أصحابنا: إن الظن غالب على نجاسة سراويل المجوسي. وما ذاك إلا من أجل ما قررناه من عدم احترازهم عنها.
الانتصار على من خالف هذه المقالة: إنما يكون بإيراد متمسكاتهم والجواب عنها.
فنقول: أما ما أوردوه من الأدلة على نجاستهم فجوابه من وجهين:
أما أولا: فأدلتنا معارضة لأدلتهم فيجب الرجوع إلى التساقط فيهما والرجوع إلى دلالة أخرى غير معارضة، أو الرجوع إلى حكم العقل وهو القضاء بالتطهير في كل شيء إلا لدلالة خاصة، وفيه حصول غرضنا بالطهارة في الرطوبة لهم.
وأما ثانيا: فلأنا لا نسلم التعارض في الأدلة، بل ما ذكرناه من الأدلة راجح على ما ذكروه، أما الآية فلأنه ليس المقصود منها التنجيس وإنما سيقت من أجل كفرهم وجحدانهم، فلهذا فإنه يقال: نجس إذا كان كثير الرداءة ويعظم خبث باطنه. وأما ما رووه من وفد ثقيف وهو حجة لنا حيث قال: (( نجاستهم على أنفسهم)). فدل ذلك على ما يعلق بنا من رطوباتهم فهو طاهر لا محالة، وإنما قال: قوم أنجاس، يعني: كفار متمردون أو هم متنجسون خلا أن نجاستهم قد رفع حكمها بالإضافة إلينا بدليل آخر الخبر. وأما ما رواه ثعلبة من قوله: (( فاغسلوها ))، فالغسل على زعمهم لا نسلم أنه يدل على النجاسة، بل نقول: إنما غسلت لما يعلق بها من مس أيديهم، لأجل أن النفوس تعافهم وتكرههم لأجل كفرهم لا من أجل كونها نجسة. ثم إنما أمر بغسلها على جهة الاستحباب دون الوجوب لما فيه من النظافة وإزالة العفونات لا من أجل نجاستها، فضعف ما أوردوه.
قالوا: حيوان غير محقون الدم في الأصل لا من أجل الضراوة والتذكية، وهو مما يصح دخوله في ملك مالك فوجب أن يكون نجسا كالخنزير.
فقولنا: غير محقون الدم في الأصل، نحترز به عن المسلم.
وقولنا: من أجل الضراوة، نحترز به من سباع الطير فإن آسارها(¬1) طاهرة كما سنوضحه.
وقولنا: والتذكية، نحترز به عما يذكى فإن سؤره طاهر.
Shafi 282