264

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

والمختار: ما عول عليه أئمة الآل من كونه غير مجز في تأدية الصلاة.

والحجة على ذلك: ما أوردوه من الآيات والأخبار والأقيسة، ونزيد هاهنا حججا ثلاثا بعون الله تعالى:

الحجة الأولى: أنا نقول: الوضوء مأمور به بدليل قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}[المائدة:6]. والغصب منهي عنه بدليل قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}[البقرة:188]. فلو جوزنا فعل الوضوء بالماء المغصوب لكان العبد مأمورا بفعله منهيا عنه، فيكون الوضوء مطلوبا غير مقبول، وهذا محال.

لا يقال: إن كونه مأمورا متعلق بفعل الوضوء، وكونه منهيا متعلقا بالغصب، وهما وجهين للفعل متقاربين فلا يلزم فيه مناقضة؛ لأنا نقول: هذا فاسد لأنه لا يعقل هناك تغاير بينهما من جهة اتحادهما، وبيانه أنا نقول: إن متعلق الأمر على زعمكم هو فعل الوضوء بالماء المغصوب، وعلى قولنا متعلق النهي هو فعل الوضوء بالماء المغصوب، فهما متحدان كما ترى، أعني متعلق الأمر والنهي، فيلزم ما ذكرناه؛ لكونه مأمورا به منهيا عنه وأنه محال.

الحجة الثانية: فعل الوضوء طاعة لله تعالى؛ لأنه من جملة العبادات وكل عبادة فهي طاعة، وفعل الغصب يكون معصية لله تعالى، فلو جوزنا التوضؤ بالماء المغصوب على زعمكم لكان طاعة من حيث كونه عبادة، ومعصية من جهة كونه مغصوبا لايحل فعله، فيلزم أن يكون العبد بالتوضؤ بالماء المغصوب، مطيعا عاصيا [في وقت واحد]، وما هذا حاله فلا خفاء بفساده .

لايقال: إن كونه طاعة لم يلاق كونه معصية، وكونه معصية لايلاقي كونه طاعة وإذا لم يتلاقيا لتغاير المتعلقين فيهما لم يكن ذلك مؤديا إلى فساد، فلا جرم جاز أن يكون مطيعا بفعل الوضوء وعاصيا بكونه غاصبا، ومثل هذا جائز؛ لأنا نقول: هذه عبارة فارغة لا فائدة تحتها، وتكرير ألفاظ لا طائل وراءها، فإنا قد قررنا اتحاد الوجهين في كونه طاعة معصية بما ذكرناه في كونه مأمورا به منهيا عنه فأغنى عن الإعادة.

Shafi 269