Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Nau'ikan
مسألة: حكم الماء الكثير لا ينجس بملاقاة النجاسة إذا لم يتغير، وحكم الماء القليل أنه ينجس بملاقاتها وإن لم يكن متغيرا على رأي من قال به، فلا بد من بيان حد القليل والكثير ليعرف هذان الحكمان اللذان يتعلقان به، فأما من لا يقول بالقليل فلا يفتقر إلى معرفة حد القليل والكثير، وإنما الضبط عنده في التنجس وعدمه، إنما هو بما أشار إليه الشرع من التغير قليلا كان أم كثيرا كما اخترناه فيما مضى.
وقد اختلف العلماء في حد القليل والكثير من الماء ولهم في ذلك مذاهب أربعة:
المذهب الأول: أن ما كان من الماء قلتين فهو كثير وما كان دونهما فهو قليل، وهذا هو قول الإمامين الناصر والمنصور بالله وهو رأي الشافعي وأصحابه، ثم اختلف أصحاب الشافعي في حد القليل(¬1)، فمنهم من قال: هما خمسمائة منا(¬2) وهو يأتي ألف رطل بالبغدادي، وقال أبو عبدالله الزبيري (¬3): هما ثلاثمائة منا وهما ستمائة رطل بالبغدادي، وهو محكي عن القفال (¬4)، واختاره المسعودي (¬5)، وقال أبو حامد: وأكثر أصحاب الشافعي: هما خمسمائة رطل بالبغدادي وهو المنصوص. قال الشافعي: والاحتياط أن يجعل كل قلة قربتين ونصفا، والقربة في الحجاز مقدار ما تسعه مائة رطل، فصار ذلك خمسمائة رطل وهل يكون ذلك تقريبا أو تحديدا؟ فيه لهم وجهان:
أحدهما: أنه تقريب، وعلى هذا لو نقص منهما رطل أو رطلان أو ثلاثة لم يضر ذلك.
وثانيهما: أنه تحديد، فلو نقص منهما نصف رطل تنجس بوقوع النجاسة فيه لكونه قليلا، فإذا تقرر هذا، فإذا وقع في القلتين نجاسة لم تنجس إلا أن يتغير، وإن كان الماء دون القلتين تنجس بوقوع النجاسة وإن لم يتغير، فهذه هي فائدة التحديد بالقلتين وما دونهما.
Shafi 223