210

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

وثانيهما: أنه يكون نجسا وإن لم يتغير لما كان متصلا بالنجاسة، وهذا شيء يحكى عن بعض أصحاب الشافعي، منهم: أبو إسحاق الإسفرائيني وابن الصباغ صاحب (الشامل)، وعن صاحب (المهذب)، وصاحب (المقنع ) أيضا.

وحجتهم على هذا: هو أن ما تغير فهو نجس بالاتفاق لظاهر الأحاديث، وإذا كان نجسا كان ما اتصل به نجسا؛ لأنه ماء واحد فلا يجوز أن ينجس بعضه دون بعض فلأجل هذا حكمنا عليه بالنجاسة في جميعه.

والمختار: ما عول عليه أصحابنا والفقهاء لما رويناه من الأخبار، فإنها كلها دالة على أنه لا ينجس من الماء إلا ما تغيرت أوصافه، وما هذا حاله فإنه لم يتغير إلا بعضه وما عداه باق على أصل التطهير وقد حمل بعضهم ما قالوه، على أن الماء الذي لم يتغير دون القلتين، فأما إذا كان فوق القلتين فإنه لا ينجس جميعه، وهذا فاسد لا وجه له، فإن ابن الصباغ نص على خلاف ذلك في كتابه (الشامل)، فقال: إذا كان هاهنا ماء راكد متغير بالنجاسة وبجنبه قلتان متصلتان بالراكد غير متغيرتين فقياس المذهب أنه كله ينجس؛ لأنه كالماء الواحد فلهذا كان الكل نجسا وإن كثر، فلما نقلناه يضعف هذا الحمل. وحاصل هذه المقالة أن كل ما كان متصلا بالنجس فإنه يكون نجسا مثله وإن لم يتغير لكونه ماء واحدا، ويضعف ما قالوه من وجهين:

أما أولا: فيلزم هؤلاء إذا كانت بجانب البحر جيفة ميتة فتغير بعض البحر بها أن ينجس جميعه، وهذا لا يلتزمه أحد، وغالب ظني أنهم يفرقون على قولهم بهذه المقالة بين البحر والبرك فتنجس البرك وما شاكلها ولا ينجس البحر، وكله فاسد.

وأما ثانيا: فلأنا إنما حكمنا بنجاسة ما تغيرت أوصافه لدلالة الخبر؛ فأما ما لم يتغير فهو باق على أصل حكم الماء في الطهارة، ويزعمون أن البحر مخصوص بقوله عليه السلام: (( من لم يطهره البحر فلا طهره الله ))، ولم يفصل بين أن يكون متغيرا بالنجاسة أو غير متغير.

مسألة: وإن وقعت النجاسة في ماء كثير ولم تغير شيئا من أوصافه، فهل ينجس ما لاقى النجاسة واتصل بها أم لا؟ فيه مذهبان:

Shafi 213