Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Nau'ikan
الباب الأول في المياه
واعلم أن أنظار الفقهاء مختلفة في تقديم الأسبق من أبواب الطهارة في التصانيف، فمنهم من يقدم الكلام في آداب قضاء الحاجة؛ لأن الطهارة إنما تقصد للصلاة وأول ما يشتغل(¬1) به الإنسان هو قضاء الحاجة ليحصل بعدها التطهير، وهذه طريقة المحدثين في كتب الأحاديث ويسمونه باب التخلي، وباب الاستطابة، ويعنون به قضاء الحاجة.
ومنهم من يقدم الكلام في الاستنجاء؛ لأن أول التطهير هو الاستنجاء، وهو غسل الفرجين، وهذه هي طريقة السيد أبي طالب في التحرير(¬2) وشروحه.
ومنهم من يقدم الكلام في المياه؛ لأن أعظم ما يقع به التطهير هو الماء من بين سائر المطهرات، وهذه هي طريقة أكثر الفقهاء، وهذا هو المختار، لأن الاعتبار بذكر الطهارات المائية هو الذي تكون لأجله تأدية الصلوات في أغلب الحالات، ولأنه أحق المطهرات بالتطهير وما عداه بدل منه، فلهذا كان أحق بالتقديم، والأمر فيه قريب وليس فيه كبير فائدة.
ثم إن الطهارة مختصة بالماء من بين سائر المائعات، أما في طهارة الحدث فهو رأي أصحابنا والفرق الثلاث الشافعية والحنفية والمالكية، خلافا لشذوذ(¬3) من الفقهاء، وطوائف قد ذكرناهم من قبل، وأما في طهارة النجس كما رأى أصحابنا والشافعي ومالك خلافا لأبي حنيفة وأصحابه.
وجهة اختصاصه بذلك من وجهين:
أما أولا: فمن أجل كونه مختصا بنوع من اللطافة والرقة وتفرده بتركيب لا يشاركه فيه غيره من الجوهرية والصقالة.
Shafi 198