172

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

المأخذ العاشر: تأخر البيان عن وقت الخطاب لا يكون دليلا على عدم الحكم أصلا؛ لأن تأخر البيان عن وقت الخطاب جائز كما قررناه في الكتب الأصوليه، ومثاله: استدلال أصحابنا والحنفية على إسقاط الكفارة في قتل العمد، بأن الله تعالى ذكر العمد ولم يوجب فيه كفارة، فلو كانت واجبة لذكرها كما ذكرها في قتل الخطأ، فلما لم يذكرها، دل على عدم الوجوب فيها، فما هذا حاله لا يكون معتمدا في نفي وجوبها وإنما يؤخذ عدم وجوبها من دلالة أخرى غير هذه، خلافا لرأي الشافعي في وجوبها، لأنه لا يمتنع كونها واجبة لكن بيان وجوبها متأخر عن بيان قتل الخطأ انتظارا لوقوع الحاجة، وهذا يخالف الاستدلال على أن المرأة لا يجب عليها كفارة الظهار، من جهة أن الرسول أوجبها على الرجل ولم يوجبها على المرأة، فلو كانت واجبة لذكرها؛ لأنه لو لم يذكرها لكان في ذلك تأخير للبيان عن وقت الحاجة وهو غير جائز، فظهرت التفرقة بينهما بما ذكرناه.

ولا أورد من الأحاديث إلا ما صح بطريقة شرعية يعتمدها أهل الحديث ويستقويها الأصوليون، ولا اعتمد من الأقيسة إلا ما كان ظاهر الإخالة قوي المشابهة من غير تعريج على حديث ضعيف أو قياس طردي ركيك.

ولنقتصر على هذا القدر من التنبيه على مالا يعتمد من الأدلة في تقرير الأحكام الاجتهادية ففيه كفاية، وبتمامه يتم الكلام على ما أردنا ذكره من هذه المقدمات التي يحتاج إليها الفقيه الخائض في الفقه من غير أن يكون له حظوة وافرة في علم الأصول والحمد لله.

Shafi 190