Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Nau'ikan
وثانيهما: أن يفعل بعهده لا بحضرته، فإن كان من الأمور الظاهرة التي لا يخفى حالها، فيكون بمنزلة ما لو فعل بحضرته وسكت عليه؛ لأن الغرض هو علمه به وتقريره عليه، وإن كان مما يجوز أن يخفى، لم يدل على جوازه، ومثاله: ما روي عن بعض الصحابة أنهم قالوا: كنا نجامع ونكسل. [والإكسال: هو الإيلاج من غير إنزال]. على عهد رسول الله ولا نغتسل. فما هذا حاله [فهو]مما لا يجوز الاحتجاج به؛ لأنه من الأمور الخفية، ويجوز أن يكون الرسول لم يشعر به، ولهذا لم يعمل به الصحابة ولم يرجعوا إليه.
فهذه وجوه أدلة الكتاب والسنة.
الضرب الثالث: دلالة الإجماع، وهو في دلالته على وجهين:
أحدهما: أن يكون إجماعا عاما، وهذا نحو إجماع الأمة كافة على وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، فما هذا حاله يجب المصير إليه والعمل به، ومن خالف ذلك مع العلم به فإنه يحكم بكفره؛ لأن ذلك معلوم بالضرورة من دين صاحب الشريعة صلوا ت الله عليه فمخالفه يجب الحكم بردته وخروجه عن الدين.
وثانيهما: إجماع خاص، وهو إجماع الأمة، أو العترة على حكم الحادثة، فما هذا حاله يجب العمل به والمصير إليه عندنا.
فأما إجماع الأمة فمتى حصل على حكم من الأحكام فإنها تحرم مخالفته؛ لكونه قاطعا ويفسق المخالف له لما في ظاهر الآية من الوعيد على من خالفه(¬1). وأدنى الدرجات في الوعيد الفسق، ويحرم وقوع الاجتهاد على مخالفة حكمه من جهة أن الاجتهاد على مخالفة المقطوع ممنوع، كما لو اجتهد على مخالفة النص كان فاسدا فهكذا هاهنا.
وأما إجماع العترة فهو حق وصواب لظاهر الآية والخبر(¬2) ولا يفسق من خالفه لعدم الدلالة على فسقه. والفسق إنما يكون بدلالة قاطعة شرعية، وليس في ظاهر الآية والخبر ما يدل على فسق من خالفه(¬3).
Shafi 141