43

قال ألين: «أقر بذلك.»

قال جراي: «إذن للتلخيص، فوضعك الآن فيما يتعلق بحياتك وممتلكاتك أفضل، من كافة النواحي، من الوضع الذي سلبك إياه خبثي ... أم قلت عبقريتي؟ ... بل قلت حيلي. لماذا تنهي كل هذا بسرعة؟ لماذا تود قتلي؟ لم لا تعيش حياتك في ظروف أفضل، وفي ترف وصحة، وبذلك تنتقم من برنارد هيتون أشد انتقام؟ إذا كنت منطقيا حقا، فلتظهر ذلك الآن.»

قام ألين ببطء ممسكا بالمسدس بيمناه.

وصاح: «أيها المحتال البائس!» ثم أردف: «أيها المحامي الحقير ... المخادع إلى النهاية! إنك تتخلى عن صديقك بكل بساطة لتطيل عمرك البائس! أتظن نفسك تخاطب الآن قاضيا منحازا أو محلفين سذجا لا عقل لهم؟ أنتقم من هيتون؟ قد انتقمت منه بالفعل. لكن لم يتبق في انتقامي إلا موتك. هل أنت مستعد له؟»

صوب ألين المسدس على جراي، ووقف جراي هو الآخر وقد شحب وجهه. وركز عينيه على الرجل الذي كان يظنه مجنونا. زحفت يده على الحائط. وعم صمت مشوب بالتوتر بينهما. لم يطلق ألين النار. تحركت يد المحامي ببطء إلى الزر الكهربائي. وأخيرا شعر بالحافة المصنوعة من الأبنوس وضغطت أصابعه على الزر بسرعة. وفي وسط الصمت، جاء الرنين المهتز للجرس الكهربائي من الأسفل. وقطع الصمت فجأة الصوت الحاد لإطلاق رصاصة من المسدس. وجثا المحامي على ركبة واحدة رافعا إحدى ذراعيه أمامه كمن يحاول اتقاء هجوم وشيك. ثم انطلق صوت إطلاق النار من المسدس مرة أخرى، فوقع جراي على وجهه. واخترقت الرصاصات الخمس المتبقية جسما فارقته الحياة.

علت في الغرفة طبقة من الدخان الأزرق كما لو كانت الروح الراحلة من الرجل الذي استلقى على الأرض بلا حراك. وكثرت الأصوات المنفعلة خارج الغرفة، وحاول أحد المحتشدين بالخارج كسر الباب بثقل جسده ولكنه أخفق في ذلك.

مشى ألين إلى الباب، وأدار المفتاح وفتحه. وقال: «لقد قتلت رئيسكم.» وسلم المسدس إلى أقرب رجل موجها أخمصه إليه . وقال: «أنا أستسلم! اذهبوا وأحضروا ضابطا.»

على ممر ستيلفيو

الأمر واضح لا لبس فيه؛ لقد كانت تينا لينز فتاة لعوبا، وكان هذا الأمر يليق بها تماما؛ فقد كانت تعيش على سواحل كومو الرومانسية التي احتفت بها الأغاني والقصص والدراما بوصفها بحيرة العشاق الزرقاء. كان لتينا الكثير من المعجبين، لكن عبثها جعلها تفضل من بينهم أكثر من كان والدها يعترض عليه. كان بيترو - كما صدق والد تينا في وصفه له - سائقا إيطاليا بائسا تسعده الفرنكات القليلة التي يتقاضاها من المسافرين الذين كان يقلهم من مالوجا الفقيرة إلى إنجاداين، أو من ممر ستيلفيو المرتفع إلى ممر تايرول، وهما أكثر الممرات في أوروبا ارتفاعا وأكثرها انخفاضا. كانت ضربة قوية لآمال لينز العجوز ولكبرياء العائلة أيضا عندما تحدته تينا بإعلان تفضيلها لسائق العربة التي يجرها حصانان. كان لينز العجوز يتحدر من عائلة عريقة من أصحاب الفنادق السويسريين الذين يعرفون بقدرتهم الفريدة على استخلاص آخر سنت من المسافرين المترددين في الدفع. وقد ساءه كثيرا أنه لم ينجب ابنا يرث منه فندقه الصغير الذي كان محل احتفاء كبير عن استحقاق (إذ كان يقدم أسعارا خاصة للإقامة لفترة ثماني ليال أو أكثر)، لكنه كان يرجو أن يكون له صهر، ويأمل أن يكون صهره من أصل سويسري، بحيث يتمكن بعد أن تقدم به العمر أن يورثه المهنة المربحة التي تمكنه من استنزاف أموال الرجال الإنجليز الأثرياء باحترام. لكن تينا قد اختارت الآن بمحض إرادتها إيطاليا متهورا حياته غير مستقرة لن يلبث أن يضيع الأموال التي جمعها بعناية أبيها طوال حياته.

صاح العجوز غاضبا، متحدثا بالإيطالية، لكونه يتحدث عن إيطالي: «بيترو، الوغد، لن يحصل على قرش واحد من أموالي.»

Shafi da ba'a sani ba