18

وبينما وقف أمام النافذة في الليلة المشئومة ممسكا بالعبوة حاول أن يتذكر هل أغفل أي شيء أو ترك أي أدلة دون أن يخفيها أم لا. لم ينبعث من غرفته ضوء، لكن نار المدفأة كانت مشتعلة، وألقت بظلال مهتزة على الحائط المقابل.

تمتم قائلا: «ثمة أربعة أشياء علي فعلها؛ أولا: سحب السلك، ثانيا: إلقاؤه في نار المدفأة، ثالثا: نزع المسمار، رابعا: غلق النافذة.»

أسعده أن لاحظ أن نبض قلبه لم يتسارع عن المعدل الطبيعي. وخاطب نفسه وهو يتنهد: «أعتقد أني متمالك لأعصابي، لكن علي ألا أبالغ في ذلك عندما أنزل إلى الأسفل. ثمة الكثير من الأشياء التي ينبغي أن أفكر فيها في الوقت ذاته.» أجال نظره في الشارع لأعلى ولأسفل. كان الرصيف خاليا. انتظر حتى مر الشرطي من أمام الباب. سيأخذ عشر خطوات قبل أن يعكس اتجاه مشيه في المنطقة التي يحرسها. وبينما كان ظهر الشرطي لباب المقهى، ألقى دوبريه بقنبلته في ظلمة الليل.

ثم تراجع على الفور وراقب المسمار. تماسك المسمار عندما شد السلك. وبعد لحظة اهتز المبنى بأكمله كرجل ثمل يترنح، ويهز كتفيه. فزع دوبريه عندما سقطت على طاولته قطعة كبيرة من الجص محدثة دويا عاليا. وجاء من الأسفل صوت كالرعد المكتوم. اهتزت الأرض تحت قدميه بفعل الانفجار. وتهشم زجاج النافذة، وشعر بأن بالهواء يصطدم بصدره كما لو كان أحدهم قد ضربه عليه.

نظر إلى الخارج للحظة. ووجد أن الانفجار أطفأ مصابيح الشارع في الجهة المقابلة. وعم أمام المقهى ظلام دامس، بعد أن كانت الجادة كلها مليئة بالضوء منذ لحظة. وارتفعت من أسفل المبنى سحابة من الدخان.

قال دوبريه في نفسه، بينما كان يسحب السلك بسرعة: «أربعة أشياء.» لقد وجد طرفه مهترئا. ونفذ الأشياء الثلاثة الأخرى بسرعة أيضا.

عم صمت غريب، لكن صوت الانفجار لم يزل يرن في أذنه رنينا ثقيلا. انسحق الجص تحت حذائه مصدرا صوتا واضحا وهو يمشي نحو باب الغرفة ويمد يده نحوه. شد الباب لفتحه فوجد في ذلك بعض الصعوبة. كان محكم الغلق بشدة لدرجة أنه ظنه كان مغلقا بالقفل، ثم ارتعد من الخوف عندما تذكر أن الباب لم يكن مغلقا بالقفل طوال وقوفه أمام النافذة ممسكا بالعبوة.

خاطب نفسه: «لا بد أني أغفلت شيئا آخر كهذا وسيؤدي إلى انفضاح أمري، يا ترى ماذا يكون؟»

وفي النهاية تمكن من فتح الباب. كانت أضواء الردهة مطفأة، فأشعل عود ثقاب، ونزل إلى الأسفل. ظن أنه سمع بعض الأنين. وعندما نزل وجد القائم على المبنى مكوما في إحدى الزوايا.

سأله دوبريه: «ما الخطب؟»

Shafi da ba'a sani ba