Komawar Musulmai Bautar Gunki: Gano Matsalar Kafin Gyara
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Nau'ikan
مستقبل الدولة الدينية: هل في الإسلام دولة ونظام
حكم؟
(1) تأسيس جدلي
يبدو أن الإجابة عن السؤال عنوان هذه الورقة، أمر محسوم بالإيجاب من قبل كل المشتغلين بالشأن الديني الإسلامي، ويلخص الدكتور يوسف القرضاوي - الملقب بالفقيه المعتدل - الموقف بقوله: «إن إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بشريعة الله وتجمع المسلمين على الإسلام وتوحدهم تحت رايته، فريضة على الأمة الإسلامية يجب أن نسعى إليها، وعلى الدعاة إلى الإسلام أن يعملوا بكل ما يستطيعون للوصول إليها، وأن يهيئوا الرأي العام المحلي والعالمي لتقبل فكرتهم وقيام دولتهم» (الصحوة الإسلامية بين التطرف والجحود، ص222، 223).
وعليه فإذا كانت إقامة الدولة المسلمة فريضة لتحكم بشرع الله، فلا شك أن هذا الشرع قد وضع لهذه الدولة الأصول والضوابط الكاملة التامة الجامعة المانعة نظرا لمصدرها الإلهي، وأنه قد وضع لها نظام الحكم وطرق تبادل السلطة مع شرح وبيان وتفصيل لدستور الدولة ومؤسساتها وعوامل نهضتها وقوتها. ولكن إذا لم نجد أي إشارات من أي نوع أو لون لهذه الدولة المطلوبة في إسلامنا، وهو ما نزعمه ونضع له البينات تلو الأخرى عبر سلسلة موضوعات تناولت فكرة الدولة الإسلامية، وهو ما سنضيف إليه جديدا هنا يؤكد أن الله لم يبين للمسلمين ولم يطالبهم بإقامة دولة إسلامية. ومع ذلك يجعلها مشايخ الصحوة الإسلامية فريضة إلهية، بما يعني أنها تكليف ديني للعباد من رب العباد لإقامة دولته الإلهية على الأرض، وهو ما سيدفع السؤال للبروز: كيف يكلفنا الله بما لم يبينه لنا؟ فإذا لم يبين الله لنا ضرورة إقامة دولته وشكلها أملكي أم جمهوري أم أي آخر، فإن دعوة الشيخ قرضاوي وزملائه من إخوان مسلمين وأزاهرة ودعاة وفقهاء، تكون افتئاتا على دين المسلمين وكذبا عليهم وافتراء على قرآنهم وسنتهم، من أجل الاستيلاء على مقاليد الحكم في البلاد مع استخدام الدين انتهازيا ونفعيا، وهو لون من التبخيس والازدراء للدين، حتى يظهر غير قادر أن يدفع عن نفسه استخدام كل من يريد، من أجل ما يريد من مصالح ومنافع دنيوية بحتة.
والغريب أن السادة العاملين في حقل الدعوة الإسلامية يجمعون بين ما لا يأتلف ولا يجتمع؛ فالدولة لا تقوم إلا في وطن، أرض ذات حدود ثابتة واضحة ومجتمع يعيش على هذه الأرض بالتحديد، اللغز يلتبس عندهم عندما تجدهم يريدون دولة ورغم ذلك يعتبرون فكرة الوطن فكرة أوروبية استعمارية مستوردة، ويسخر الشيخ قرضاوي هو نفسه منها ويسميها رابطة التراب والطين التي لا تعلو على رابطة الدين العظيم، بل يزعم «أن الإنسان يضحي بنفسه من أجل دينه، ويضحي بوطنه من أجل دينه؛ فالدين مقدم على الإنسان» (حلقة الظاهريون الجدد، الجزيرة). وحل اللغز يكمن في فكرة التمكين، وهي الفكرة القائلة بأنه يوم يتم تمكين المسلمين من إقامة دولة إسلامية في أي مكان، فسوف يكون تمكينا كتمكين المهاجرين من سيادة يثرب، ومنها تنطلق عزمات المسلمين لاحتلال الأرض كلها كي تدين بالإسلام؛ لذلك لا حدود وطنية للدولة المسلمة، فأرضها هي العالم كله، عالم بلا حدود، ومن هنا ساغ للشيخ أن يقول ليس بمجتمع مسلم ذلك الذي تتقدم فيه العصبية الوطنية على الأخوة الإسلامية حتى يقول:
المسلم وطني قبل ديني ... وأن دار الإسلام ليس لها رقعة محددة. (كتابه ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده، مكتبة وهبة، 2001م، ص24، 57، 80، 86)؛ لذلك كان الشيخ شديد الصراحة فيما يتعلق بمفهوم المواطنة، إذ يقول: «في واقع مصر والعالم العربي» شجع المستعمرون النعرة الوطنية هادفين إلى أن يحل الوطن محل الدين، وأن يكون الولاء للوطن لا لله، وأن يقسم الناس بالوطن لا بالله، أن يموتوا في سبيل الوطن لا في سبيل الله. (كتابه الإخوان المسلمون، مكتبة وهبة، 1999م، ص19، 20.)
يعود السؤال ليطرح نفسه: كيف يكلفنا الله إقامة دولة دون أن يشير إلى ذلك لا في القرآن ولا في الحديث النبوي ؟ إن الصحوة الإسلامية بدعوتها لإقامة دولة تعني حربا عالمية على الجميع؛ لأنه إذا ما صدقنا أن الإسلام دين ودولة، وأن الإسلام دين عالمي، فستكون النتيجة أن العالم كله هو دولة الإسلام . وهو مأزق شديد الصعوبة يضع جميع المسلمين في حالة خروج وعصيان جماعي على الشريعة الدولية، ويزيد من ضعف شأنهم وتخلفهم نتيجة عدائهم وخصامهم وكراهيتهم للنظام الغربي بمنجزه العلمي والحضاري كله.
هنا نسأل سؤالا عمليا هو: كيف لنا أن نوجه خطابا ليبراليا يحترم الإسلام ويقف على أرضه وينافح عنه، يقوم بمصالحته مع الحداثة بإعادة قراءته قراءة علمية محايدة مدققة؟ وكيف نكتسب القارئ المسلم العادي (فما فوق) للاستماع إلى ما نطرحه عليه والاستمرار في هذا الاستماع، بل وربما السعي وراءه.
إن فكرة المؤامرة التي تسيطر على العقل العربي والمسلم تجعل الفرد غير قادر على تجاوز حاله الراهن؛ لأنها لا تجعله يرى ما بيد الآخرين من وسائل التقدم والرقي، لأنهم أعداء (وعادة ما تكرس هنا وتعاد حكاية الاستعمار الحديث وأمريكا وإسرائيل)، وللاعتقاد بأن ما بيدنا في إسلامنا فيه كفاية وغنى عن رؤية أي مختلف أو جديد؛ لأن مصدره الإلهي يضمن كماله التام.
Shafi da ba'a sani ba