Komawar Musulmai Bautar Gunki: Gano Matsalar Kafin Gyara
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Nau'ikan
لو كان هناك أي اعتبار لمعنى الأغلبية لأخذ عمر برأي تسعة من عشرة من خيار الصحابة استشارهم في قيادته لجيوش الفتوح بنفسه، وقالوا بوجوب إمارته للجيوش، لكنه أخذ برأي العاشر وحده، وهو عبد الرحمن بن عوف الذي قال بوجوب بقاء الخليفة سيدا للمدينة، وإرسال الجيوش تحت قيادات أخرى، ولم يأخذ برأي التسعة.
إن الإسلام كما نعلم عنه جميعا هو علاقة عبد بخالقه ولا علاقة له بدولة ولا حكومة ولا سياسة، لو كان مهتما بذلك لوضع شكلا محددا لنظام الحكم ومؤسساته، وطرق تبادل السلطة، وأساليب توزيع الثروة، ولما تقاتل الصحابة الأجلاء على الأموال المنهوبة من البلاد المفتوحة (تراثنا الإسلامي يسمي ذلك بوضوح: نهبا) كل هذا القتال؛ لأنه سيكون لديهم طرق سياسية مقدسة محددة سلفا لكل مسلم، لكن لأن ذلك كله لم يكن في الإسلام، فقد حدثت الفتنة الكبرى، وعندما تم التعامل مع الدين في السياسة لم يكن قط لمصلحة الدين، وألحق أفدح الضرر بالسياسة؛ مما أدى إلى مقتل عثمان وبداية الفتنة الكبرى، ومحاربة عائشة أم المؤمنين لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه حربا دموية وحشية بكل المقاييس، ومحاربة كاتب الوحي معاوية لعلي مكرم الوجه، ومحاربة الخوارج لكليهما، بل انقسام دين المسلمين إلى قسمين لا يلتقيان ولا يلتثمان أبدا: شيعة وسنة يستبيحون دماء بعضهم بعضا وكلاهما مسلم؟! ولأن نظام الحكم لم يكن اهتماما إسلاميا تمت استباحة مدينة رسول الله ثلاثة أيام في وقعة الحرة، الكريهة، وتم ضرب الكعبة وحرقها بالمنجنيق على المتحصنين فيها. كل هذه الأضرار الفوادح لحقت بالدين عندما تم إلحاقه بالسياسة وهو غير مشغول بها، مما أدى إلى ضرر مماثل على الجانب السياسي.
ولأن الإسلام لم يهتم بمسألة أنظمة الحكم والإدارة، فقد ترك المسلمون الفاتحون البلاد المفتوحة تدار كما كانت تدار بالأساليب الرومانية والساسانية، وهي أساليب غير إسلامية اخترعتها شعوب غير عربية وغير مسلمة منذ قرون طويلة، بل أمر الخليفة عمر بإنشاء دواوين عربية هي نموذج لما كان في السابق في دولتي الفرس والروم. •••
نتابع القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح وهو يقوم بتحديث الفكر الإخواني، طلبا للانخراط في العملية السياسية، في ظرف عالمي جديد يختلف بالمرة عن زمن نشأة الإخوان، فيقول: «إني أرى أن كل الدول التي أغلب سكانها من المسلمين هي دول إسلامية حسب المبدأ الديمقراطي سواء مصر أو الأردن، وذلك لا يعني أننا نوافق أو نرضى عما لحق بهذه الدول من فساد وعطب، متمثل في استبداد سياسي وفساد اقتصادي وخلقي.»
لو حاسبنا أبو الفتوح هنا على قدر ما قال هو، لقلنا له: إنه حسب المبدأ الديمقراطي، فإن أبا الفتوح يتكلم باسم جماعة الإخوان وهم أقلية في مجتمعنا المصري، ومع ذلك يتكلم كما لو كان أغلبية، ويفعل جميع الإخوان فعله ليترسب في الأذهان بالتكرار، أنهم ليسوا أقلية، وأنهم ليسوا منشقين على شعبهم، متمردين على الحكومة القائمة، والأقلية كما قال هو لا تفرض رأيها على الأغلبية، ناهيك عن كون هذه الجماعة أقلية خارجة على القانون وجماعة غير شرعية حسب قانوننا المدني.
وإن أبا الفتوح إذ يلزمنا بصفته كمفكر وكحركي إسلامي إخواني، فإنا نلزمه بهذه الإسلامية وأن يطبق على نفسه قوانين الشريعة الإسلامية؛ لأن معارضته للنظام الحاكم هي تمرد على دين الإسلام نفسه الذي أمرنا بطاعة ولي الأمر، و«أطع الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، ولو كان عبدا حبشيا فاسقا فاجرا» (أحاديث صحاح)؛ حرصا على عدم الفتنة كما تؤكد المراجع السنية، التي هي مراجع الإخوان بوصفهم وهابية حنبلية سنية؛ فهو إما أن يعارض لكن بعد أن يخلع صفة الإسلامية عن سياسته ومواقفه «حتى نصدقه» وإما أن يتمسك بصفته الإسلامية ويصمت ولا يشارك في الفتنة لعن الله من أيقظها «حتى نحترمه».
في دولتنا الحالية التي أنشأها محمد علي كدولة حديثة، يلزمك كي تتهم غيرك بالفساد أن تحصل على حكم قضائي يدين الفاسد أولا، وحديثه عن الفساد في الدولة الإسلامية يلزمه أولا تقديم وثائقه والحصول على حكم قضائي بذلك، وإلا كان حسب الشريعة الإسلامية قاذفا يستحق الجلد عاريا على ملأ من المسلمين. ثم عليه في المقابل أن يثبت هو نزاهة نفسه وجماعته كمدعين بالفساد على الحكومة، وتقديم سيرة واضحة تحترم القانون والأخلاق والقيم، وهو كجماعة لا يتصف بمثل هذه السيرة بالمرة، وصحيفة سوابقهم تمتلئ بألوان الجرائم أشكالا وأنواعا.
إذا تحدثنا بلغة الإسلام فإن ما يراه من فساد اقتصادي في الدولة القائمة، رآه عثمان حقا له كخليفة، ورآه العرب المصريون فسادا فقتلوه؛ لأنه ليس في الإسلام قانون واضح يحمي المال العام؛ لذلك فجريمة الاختلاس من المال العام تقع تحت شبهة المشاركة فيه، فلا تصبح سرقه، كذلك فإن سرقة سيارة ليست سرقة لأنها حسب الشرع سائبة كالبغال والحمير، والإبل والماعز التي ترعى سائبة، أما سرقة الكاسيت الموجود في داخلها فهي جريمة سرقة تستحق القطع لأن الكاسيت كان في حرز مغلق. ولأنهم لا يعترفون بأن ذلك زمان يختلف في قيمه وشرائعه عن زماننا، يسقطون في شراكهم اللفظية والشرعية. نحن بالطبع ضد الاستبداد والفساد الاقتصادي والأخلاقي، لكن أسوأ الفساد هو الانتهازية بالدين ضد الوطنية مما يبذر بذور الشقاق والفتنة في المجتمع.
في جملة واحدة يقول أبو الفتوح نقيضين: «هناك فساد أخلاقي ونحن ضد الخروج عن المبادئ الإسلامية»، لأن تعريفهم للفساد غير تعريفنا اليوم للفساد؛ فالمبادئ التي يقول إنها إسلامية ترى العبد الآبق كافرا حتى يرجع إلى مواليه (حديث صحيح قام عليه فقه بكامله)، ومبادئنا تراه مناضلا عظيما في سبيل الحرية يستحق أن تقام له التماثيل في الميادين. المبادئ التي يقول إنها إسلامية تبيح تجارة الرقيق وركوب الجواري والتمثيل بالأحياء قطعا ورجما، فتحت أي بند من مبادئ الأخلاق تقع هذه المبادئ الإسلامية؟ أوليس من حقنا كمسلمين ملتزمين أن نحصل على ملك اليمين، وهو شرع شرعه ربنا وبنى عليه مفكرونا فقها كاملا؟ لماذا لا تعيدون إلينا الجواري كما فرضتم الحجاب، تكافحون من أجل شيء ليس في شرعنا اسمه الدولة الإسلامية ولا تكافحون لتنفيذ شريعة الله في أرضه بعودة نظام العبودية. إنهم يرون نكاح ملك اليمين فضيلة ونراه نحن اليوم بمنطق عالمنا اغتصابا يعاقب عليه بالإعدام. يرون تعدد الزوجات فضيلة ولا نراه كذلك، يرون السياحة والبنوك من فعل الشيطان الرجيم، ونرى نحن بنوكه الإسلامية تمثيلية هزلية رخيصة يشارك فيها البنك والمودع لخداع الذات، حيث يذهب كل المال إلى مساره الطبيعي الربوي في حركة الأموال العالمية.
أليس هذا تدليسا على الرب؟ ثم ألا يشير إلى أننا أصبحنا ذهانيين؟ نحن كليبراليين نرى سياحتنا وحدها كفيلة ببروز مصر إلى صدارة الأمم المحترمة إن أحسنا استخدامها كأكبر كنز أثري في العالم كله، وفق تقنيات العصر وأساليبه، وهم يرونها فسقا وفجورا ووثنية.
Shafi da ba'a sani ba