Komawar Musulmai Bautar Gunki: Gano Matsalar Kafin Gyara
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Nau'ikan
أم أن صاحب الفضيلة لم يطلب الاستماع إلى الشهود لاحتسابه أن الستين عضوا باللجنة المانحة لا تتوافر فيهم شروط الشهود العدول؟ ولا يفوتنا هنا تشكيكه في معرفة اللجنة بما في كتبي بقوله: «إن كانت تعلم»! وهو ما يعني أنها في ضميره واعتقاده قد لا تعلم ومع ذلك تعطي جوائز، يعني أنها لجنة فاصوليا، يعني اللجنة عند مولانا شيليني وأشيلك (وعدم الرجوع لشهادتهم اتهام ضمني)، وهو منزلق خطر، خاصة إذا ما اطلع فضيلته على أسماء أعضاء تلك اللجنة وقاماتهم قبل أن يتهمهم لربما تريث في فتواه.
إن ما فعله المفتي لم يسبقه إليه آخر في تاريخنا، فقد قدم رأيه دون أي براهين واعتبره محجوجا وأعلى في أداء القدرة والقوة من أي رأي آخر، حتى لو كان رأي ستين عالما متخصصا، أصدر قراره فرمانا لم يحقق ولم يدرس ولم يستمع إلى الشهود ولم يعتمد على نصوص موثقة وبدون أدلة، المفتي سمع، فقال. استمع للادعاء ولم يستمع للمتهم ولا للشهود ولا طلب جسم الجريمة وبدون أي دليل أو قرينة، هادما كل أركان القضية بفرمان عثمانلي.
يقول المفتي في فتواه: «واللجنة التي اختارت له الجائزة إن كانت تعلم بما قاله من المنشور في كتبه الشائعة فهي ضامن لقيمة الجائزة التي أخذت من أموال المسلمين.» المفتي هنا متشكك في علم اللجنة المانحة بالتهمة موضوع الفتوى، ولم يبين المفتي موقفه من هذه النقطة هل هو مماثل لموقف اللجنة؛ أي موقف ظني متشكك في دوره لا عالم ولا عارف إن كانت هناك تهمة من عدمه؟ إن صياغة صاحب الفضيلة للعبارة نعني أنه هو واللجنة التي يتهمها سواء بسواء في اللاعلم واللامعرفة، ورغم عدم العلم الذي يفترضه في اللجنة فقد أصدرت قرارها وهي لا تعرف، إذن هي تجامل، وبناء على عدم معرفة اللجنة وإصدارها القرار مجاملة؛ فإنه يمكن للمفتي أن يقدم على إصدار قرار يجرم دون أن يشغل نفسة بمعرفة المسألة، هي تجامل، وهو يجرم، واحدة بواحدة، المفتي أصدر حكمه وهو غير واثق، بناء على احتسابه أن اللجنة بدورها غير واثقة، وأنها بالكامل مسألة مزاحية؛ وهكذا يصبح الحاج خميس شيخ الحارة في بلدنا الجالس على مصطبة من الطين اللبن أكثر عدلا من الحاج جمعة صاحب الجاه والرفاه والمناصب العليا. هذا بينما واقع ما حدث هو أن اللجنة المانحة تتشكل بنيتها من علماء وأدباء ومفكرين وباحثين قرءوا الأعمال للعديد من المفكرين، وبعد الدرس والفحص اتخذت قرارها لتختار من بين مرشحين كثر، الأفضل بين الفضلاء، ولو لم أكن جديرا بها لكان أول الشاكين هم من المرشحين الآخرين الذين لم ينالوها وهم كثر، وهم بدورهم من الجديرين بها، وهم المتضررون من فوزي وليس موقع المصريين ولا المفتي ولا الإخوان.
ومقارنة قرار اللجنة بحكم المفتي يطرد فورا حكم مولانا من طاولة البحث، حيث مولانا لا يعرف ولم يقرأ ولم يستمع إلى شهود، هو إذن عملة فاسدة.
غني عن التنبيه هنا أن تدخل رجال الدين في البحث العلمي وتقييمه يعني تفجيرا تحتيا لأسس هذا البحث، وللقيم التي يقوم عليها هذا النوع من التفكير المنهجي، والتي كادت تخلو من بلادنا بسبب سيطرة رجل الدين. فالإفتاء يعيش في وادي الحلال والحرام والطمث والحيض وزواج الإنس من الجن والفيل والصيحة والبراق والنملة وبول الناقة، وهو واد يختلف بالكلية عن وادي التفكير العلمي ومناهجه وطرائقه وشروطه الصارمة بحكم واحد فقط هو الصواب أو الخطأ، وبين الواديين برزخ يفصل بين زمنين مختلفين بالكلية، برزخ فاصل يمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون زمنا، فهما زمنان متجاوران زمن ما قبل المنهج العلمي وزمن ما بعد هذا المنهج، كالمتوازيين لكنهما لا يلتقيان أبدا مهما امتدا. •••
ما لا يغيب على المدقق في السؤال والفتوى، الأهداف البعيدة المخفية بين السطور بحيث تفعل فعلها وتقوم بتأثيرها في العقل المسلم عبر التسلل إليه والسكون داخله دون إعلان، وإن وزارة الثقافة كي لا ترتكب مثل هذا الزلل مرة أخرى فعليها الرجوع أولا إلى أهل الدين لأخذ رأي رجاله في البحوث العلمية والأعمال الأدبية والفنية.
يريد السائل أن يجعل رجل الدين هو المرجعية الوحيدة والعليا للأمة المصرية أفرادا وجماعات ووزارات (بالنظر إلى موقفه من وزارة الثقافة)، يريد توحيد السلطات جميعا في يد واحده تلبس مسوح المقدس إذا افتدينا بها اهتدينا، ليقرر رجل الدين ما يجب وما لا يجب، ما نكتب وما لا نكتب، بفرمانات غير قابلة للمناقشة، حتى لو كانت الموضوعات مجال الفرمان هي علمية بامتياز وتخصصا وجدارة، موثقة تعتمد المناهج العلمية الكبرى التي اكتشفتها البشرية في آخر منجزاتها، ورغم ذلك فهذه الموضوعات لا تعطي نفسها عصمة الصواب المطلق، إنما هي بطبيعتها تخلق اختلاف الرأي حولها جدلا ونقاشا قبولا ورفضا، بعكس فرمانات رجل الدين المقدسة التي لا تحتمل رأيين. فرمانات لا تسمح لنا بحق أن نفكر، وحق أن نخطئ لنتعلم من الخطأ؛ لأن الخطأ غير مسموح به فهو خروج على الأمة وخيانة لها لمصلحة المتربصين بالإسلام؛ فالدين لا يعرف إلا الحلال والحرام، الطاهر والنجس، الإيمان والكفر، الهدى والضلال، بعكس العلم الذي لا يعرف غير البراهين والأدلة والصواب والخطأ وحدهما.
ونلحظ بشدة قوله عن مدى جواز أن تقوم (لجنة)، دون تعريف بالألف واللام، قاصدا مفهوم اللجان نفسه وتعميمه على كل اللجان التي تتخذ فيها القرارات بمشاركة ومناقشة ودرس، فليس هؤلاء هم المخولين بمنح الأوسمة التقديرية لأنهم لا يعملون وفق الحلال والحرام؛ لذلك فالفتوى تحتوي ضمنا على تحريم عمل اللجان عامة وإحلال الفتوى محلها.
المخفيات المسكوت عنها تفصح عن نفسها فالسؤال يتحدث عن هجوم على الإسلام في كتب (بدون تعريف) مطبوعة ومنشورة ومتداولة، ليوعز بالخطر الكامن في الكتب عموما، والذي يقتضى مرورها أولا على المشايخ ليتم التصريح بطبعها ونشرها من عدمه.
إن أي تأمل بسيط في كل هذه الهجمة الشرسة سيكتشف أن الأمر لا علاقة له ببحث علمي أصاب أو أخطأ، أو جاءت استنتاجاته وأداؤه وأدواته غير مرضية للبعض ومنهم السائل والمجيب، أو على أسوأ الظروف غير صائبة وهو حال العلم البشري الذي يحتمل الصواب والخطأ دوما، القضية هي انتهاز الفرصة بهذه الجائزة، وتجريمها لإسكات العقول المفكرة والراغبة في تفعيل وعي الأمة المصرية ونحرها إن أمكن، الهدف الأكبر والأبرز هو حظر البحث العلمي بكل أشكاله وألوانه ومناهجه. والسائل من بدء رسالته المستفتية، يرجو المفتي أن يكون رقيبا على أعمال اللجان العلمية، وأن يكون رقيبا على ميزانية الدولة وأوجه صرف الدخل القومي، وهو حشد للسلطات بيد رجل الدين لم يسبق أن في حدث في تاريخنا من قبل ولا حتى زمن الراشدين، حدث مع النبي
Shafi da ba'a sani ba