Komawar Musulmai Bautar Gunki: Gano Matsalar Kafin Gyara
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Nau'ikan
إن السائل معلوم لدى الناس كناشط إسلامي سياسي سلفي معروف هو الأستاذ جمال سلطان وموقعه «المصريون»، ومعروف أنه معارض إسلامي شديد التطرف، ويكتب وينشر كصحفي مشتغل بالشأن الإسلامي السياسي، ويسعى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية التمامية، فكيف به وهذا شأنه، مع قدرته الاحترافية واطلاعه على تفاصيل دينه؛ يسأل سؤالا كهذا؟ وهل لا يعلم الرجل المحترف حكم الشرع الذي طبه في سؤاله؟ هل كان عاجزا عن إبداء الرأي في مسألة واضحة كشمس ظهيرة صيف؟ أم تراه أراد من سؤاله أن يسلك السلوك النموذجي المطلوب من المسلم الصالح الطيب. وأن يقدم القدوة والمثل للمسلم المسلوب العقل العاجز عن التفكير الذي لا يقدم على شأن مهما صغر شأنه إلا بعد أن يرجع لمشايخه، فهل أراد الأستاذ سلطان أن يقدم صورة النموذج المطلوب للمسلم، فذهب ليسأل مفتي الجمهورية بكل شأنه وشنشانه في شأن بدهي لا يحتاج إعمالا لعقل أو تفكير ولا يجهل به حتى المسلم الأمي؟! إن العقل البسيط يقول إن التهجم على مواطن عادي بالقذف والسب هو أمر يعاقب عليه القانون الوضعي والأخلاقي والعرفي والديني، فكيف بمن سب النبي والله والدين؟! إن من لا يمكنه إدراك الإجابة هو شخص يقدم نفسه كإنسان فاقد للإدراك والأهلية وأبسط مبادئ، التعقل، سؤاله فضيحة لنموذج المسلم المثالي المطلوب، لكن الأستاذ النموذج لا يرى ذلك لأنه مشغول بتكريس قيمة الطاعة العمياء وإسكات العقل. فيقدم نفسه للمسلمين نموذجا ومثلا للمسلم المطلوب، الجاهل الأمي بأبسط المعارف، الذي يطلب من شيخه الكبير أن يتولى تعريفه بحكم الشرع فيمن سب النبي والله والدين، كما لو أن علماء السلف جميعا لم يعرفوا بهذه المسألة، ومكثوا طوال تلك القرون حتى يظهر الشيخ جمال سلطان ليلفت نظر المسلمين إلى هذه المسألة المستعصية ويستفتي أهل العلم عما يجهله! إن السائل يريد من تفاهة سؤاله أن يعلن على المسلمين أنهم ممنوعون من إصدار أحكام من أنفسهم حتى في التوافه، وأنهم ممنوعون من إعمال العقل مهما بلغت مكانتهم، المتخصص في الشأن الإسلامي والمتبحر فيه، يسأل في التوافه الهينات نموذجا للعامة المسلمة لإعدام الشخصية وإيقاف عمل العقل.
لقد أراد السائل أن يجعل نفسه قدوة للمسلمين في جمود العقل وشلل ملكة التفكير، وأن عليهم أن يحذوا حذوه ليستفتوا في البسائط والهيئات التوافه، لتعويد العقل المسلم عدم العمل أو اتخاذ أي قرار دون الرجوع للزعامات الدينية التي ستفكر له لأنها هي التي تعلم وحدها العلم الرباني وما عرفه الأسلاف الصالحون منذ أكثر من ألف عام مضت، ألا ترون المفتي ذاته يضرب نفسه بنفسه مثلا في الاتباع فلا يجيب السائل بجديد إنما بما سبق وأجمع عليه علماء الأمة؟
إن لجوء المستفتي بسؤاله إلى كبير دار الإفتاء في تفاهة كتلك هي مهزلة، والإجابة عنه هي أم المهازل، تفاهة لو سألت فيها طفلا لأجاب بدلا من المفتي، هو كمن يرسل لأحمد زويل يسأله عن حاصل جمع 5 + 5، سيكون سائلا أهطل، ويستهزئ بقيمة زويل ويراه أهلا للصغائر ليجره من يده إلى منحدر التفاهة والسخافة، وكله في سبيل استصدار فرمان بحكم مقرر سلفا، مع إهدار كل قيم العدالة دفعة واحدة؛ مما يساعد على مزيد من سقوط هيبة دار تحكم بالهوى والكيف والمزاج.
يبدو منطلق السائل هو الغيرة على الدين ورغبة في معرفة ما يجهله بشأن معتد على هذا الدين، فذهب لزميل له أكفأ منه يسأله: هذا رغم المفترض في الغيور على الدين أن يتعالى على التوافه والصغار، وأن يكون هذا التعالي صفة دار الإفتاء بالأولى بحسبان هذا الترفع يجعلها تجسد أبسط قيمة في أي دين (الارتفاع فوق الثارات الشخصية والتوافه الهينات).
فإذا كانت المسألة المعقدة التي عرضها السؤال تفترض عدم وجود الإجابة عنها في فقهنا، فهذا اتهام رخيص لفقهنا بتقصيره في تعريف المسلمين بحكم من سب الله والرسول والدين، رغم أن السؤال يبدو للجميع كمن يسأل المفتي عن الجهة التي تشرق منها الشمس.
وفي واقعة السؤال هناك حادثة قد وقعت، وجائزة قد منحت، وشخص قد نالها، وهو ما جاءت الفتوى به كامل العناصر عدا اسم هذا الشخص الذي هو الموضوع الرئيس، شيء أشبه بلعب الأطفال، ويذكرنا بمن سأل فقيها أين تكون قبلتنا عندما نصعد إلى القمر؟ ناسيا أن المتخلفين لا يصعدون إنما يهبطون. إن التسلي بالفروض المستحيلة في ألعاب فقهية جائز لتمضية وقت الفراغ في سمر شرعي فيتخيل أحد المشايخ قضية افتراضية صعبة، ثم يأتي الشيخ الثاني فيتخيل حلا لهذه القضية، لكنها أبدا لا تجوز إذا أصاب هذا اللهو أبرياء من الناس أو أصاب البلاد بالضرر. وهو ما أزعم أنه المقصد الأساسي للسائل والمجيب معا، يقصدان إصابة أبرياء بالضرر ولو مع تهديد السلم الوطني بالفتن، وهو ما سنقدم الأدلة عليه في شكل تساؤلات. •••
هل المسألة موضوع الفتوى هي المسألة الوحيدة في ديننا التي غمض على السائل فهمها حتى يقيم بسببها الدنيا ولا يقعدها على مدى ثلاثة أشهر متتالية، ملزما نفسه ومفتيه بتوضيح هذا الشأن العظيم لأمة المسلمين بزفة غطت الأرضين السبع؟ وهل اطمأن السائل والمسئول إلى أن كل أركان الإسلام معروفة ومستوفاة ومطبقة حتى يذهبا إلى هذه الصغيرة يقيما منها هولا عظيما، بمشاركة غير حميدة من مشايخ الفضائيات وخطباء المساجد بطول مصر وعرضها، ناهيك عن المشاركات الخارجية من الأخوية العربية الداعمة من الخليج للمحيط ومن الأخوة الإسلامية من أمريكا إلى الصين في هذه الزفة الكارثة.
إن من يقيمون كل هذا الصخب بهذا الشأن الهين لا شك أنهم قد استوفوا كل شروط الدين الأهم والأجدى، وأنه قد تم تطبيق كل أركان الإسلام ولم يبق سوى استعادة مال الجائزة لخزانة أموال المسلمين من سيد القمني؟ وقد أكد السائل والمسئول أن المال المأخوذ للجائزة هو مال المسلمين؛ وهو ما يعني أنهم يعتبرون الأموال العامة في مصر هي أموال المسلمين وحدهم؛ وهو ما يعني أن تكون وزارة المالية هي بيت مال المسلمين المنهوب لمصلحة الجائزة، وما دام المفتي وهو رأس كبير في جهاز الحكم، ورأس أكبر في المؤسسة الدينية، ويعتبر أن مال الدولة هو مال بيت المسلمين، فهل تراه قد أدى الزكاة لهذا البيت كركن إسلامي لا يصح إسلام المسلم دونه، ودونه الردة والقتل والقتال وأسر الرجال وسبي الذرية واستنكاح النساء وسمل العيون والذبح صبرا والتنكيس في الآبار؟ فإن كان قد دفع زكاته فعليه أن يبرز لنا إيصال الإيداع الذي يفيد باستلام بيت مال المسلمين لزكاته الشخصية، ليثبت لنا أن غيرته على الإسلام حقيقية وليست غيرة تجارية ونفعية وسلطوية، ولنطمئن إلى صحيح إسلامه وسلامة يقينه، وحتى يكون له المبرر في طلب رد قيمة الجائزة لبيت مال المسلمين، هذا مع التساؤل: كيف يتحدث مولانا عن بيت مال المسلمين ولا يرى فداحة الجرم الشرعي الفظيع ممثلا في ذمي خازنا لبيت مال المسلمين، صاما أذنيه عن الخليفة عمر عندما عين أحد الولاة ذميا ليجري له الحسابات لأنه شخص أمين، صرخ عمر: ثكلتك أمك، والله لا أدنيهم إذ أبعدهم الله ولا أرفعهم إذ أذلهم الله، فكيف بمولانا يسكت عن هذه الفظائع مع تعطيل الركن الركين في أركان الإسلام. ثم يزأر هصورا من أجل جائزة لمفكر؟ هكذا ترون الشأن كله لونا من المسخرة المقرفة والمقززة، فكيف بإمامنا الأعظم الذي يفتي للأمة وقد أسقط أهم وأكبر أركان إيمانه؟ هل يحق له أن يفتش في إيمان الآخرين، بل ويجرؤ على نفيهم من حظيرة الإيمان؟! هل لدى القارئ تعريف آخر غير المسخرة بكل تفاصيل معانيها؟
أما الأخطر فهو أن صاحب الفضيلة قد سكت حتى الآن ولم يطلب يوما منذ تم تنصيبه تقنينا واضحا لأداء الزكاة، هذا الركن الإسلامي العظيم، وذلك بالفرض والإكراه اقتداء بسيدهم أبي بكر (أنا لا سيد لي سوى الله وحده)، فإن كان السائل والمسئول يعلمان أن دولتنا دولة مدنية فلهما إسقاط هذه المطالب ونحن معهما، ويجوز حينئذ أن يتولى أي مواطن أرفع المناصب ما دام أهلا لها، أما عندما يعتبران مال هذه الدولة للمسلمين فقط فلا تصبح الدولة هنا دولة مدنية، وتصبح وزارة المالية هي بيت مال المسلمين، ففي هذه الحال لا بد من تفعيل القواعد البكرية بشن القتال على مانعي الزكاة والذبح والحرق، على الأقل لإعادة الحقوق المسلوبة من المسلمين للمسلمين، بعد أن توقف نكاح السبايا والإماء واستعباد الذرية، واختفى من بلادنا سوق العبيد بقوانين أممية عالمية صادرة عن هيئة كفرية، وهو الحلال الذي حرموا منه بقوانين ليست من ديننا ولا من شرعنا، وبذلك نراهما قد أسقطا ركنا إسلاميا دونه الكفر، وحرموا المسلمين حقوقا أفاءها الله عليهم حلالا أحل من لبن الأم، وتركوا بيت مال المسلمين بيد خازن ذمي، أم أن مال الدولة المدنية يصبح بيت مال المسلمين فقط عندما يأخذ منه سيد القمني جائزة على أبحاث علمية تصيب وتخطئ وليست محل كفر أو إيمان؟ أبحاث معيارها الصح والخطأ وليس الحلال والحرام، ولا دخل لأبحاثه بالدين في حد ذاته.
ما أفهمه كباحث يعيش في دولة حديثة مدنية أن الجائزة هي من مال وطني قومي، يتم الصرف منه لمصالح المواطنين مسلمين أو مسيحيين أو بهائيين من أي لون أو ملة، وأنه ليس مالا خاصا بالمسلمين وحدهم. بينما يصر السائل والمسئول على كونه مال المسلمين، وهما يعلمان ما يرتبط على هذا الفهم من موجبات شرعية وهو ما يشككنا فيهما وفي صدق إيمانهما، حتى نكاد نرى إسلام البعض منهم إسلام جاه ووجاهة اجتماعية ومناصب رفيعة وكراس عالية منفوخة، ألا ترون فضيلة المفتي يفضل كرسيه ووظيفته على إقامة حدود الله كتحصيل الزكاة، مع عدم إعلانه الحرب على الممتنعين عن أداء حقوق الله بحسبانها ردة جماعية وليست فكرة لباحث! وهو الأوضح والعلني والمسكوت عنه، هو الأشنع على المذاهب كلها باتفاق، وعن جواره يجلس الخازن الذمي وزيرا مبجلا موقرا من المسلمين؛ ومن ثم عليهم بعد عزل الذمي عن بيت مالنا، إعادة زماننا الذهبي بجواريه وعبيده، بشن الحرب على مانعي الزكاة حتى يمكن سبيهم واستعبادهم، وتطبيق شرع الله بالعقوبات البدنية كالقطع والسمل والذبح صبرا، إن مفتي الديار يجلس ساكتا في ديار لا تطبق الدين، لكنه ينفر نفرة لله وللأمة ضد شخص واحد لا يعرف اسمه ولا ما كتبه، إذن هو يريد الوظيفة وليس الله ولا الدين، ثم يجرؤ على تكفير رجل من خيار المسلمين؟
Shafi da ba'a sani ba