Mutum, Dabba, da Na'ura: Sauƙaƙewa Ci Gaba na Halittar Dan Adam
الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية
Nau'ikan
الفصل العشرون
الوقت
(1) الإنسان والحيوان والوقت
لا أحد يعرف ما هو الوقت تحديدا. فيلاحظ البشر في تجاربهم اليومية ثم العلماء في تحليلاتهم للعالم أن ثمة ظواهر مختلفة لا تحدث إلا في اتجاه واحد وأطلقوا على هذه اللاانعكاسية اسم «مرور الوقت» دون أن يتمكنوا من وضع تفسير بسيط ومقنع لهذا المصطلح.
تتأثر الكائنات الحية بصورة كبيرة بالوقت الذي يمر، «كالمسرعات » - مثل نبضات القلب أو «الساعات الداخلية» - التي تتأثر بتعاقب الليل والنهار أو تعاقب الفصول. وتشبه الكائنات الحية في ذلك كل الأنظمة الفيزيائية، باستثناء وجود نتائج تتعلق بالنمو والنضوج والشيخوخة نظرا لتعقيد هذه الكائنات. أما الساعات الداخلية فهي التي تفرض على بعض الأجسام تعديلات مثل النوم أو البيات الشتوي أو البلوغ أو سن اليأس أو الشيخوخة أو الموت ... إلخ. وإلى جانب هذا الخضوع «السلبي» للأجسام الحية في مواجهة الوقت، تستطيع أجسام الحيوانات المزودة بجهاز عصبي أن تتعلم أخذ الوقت بعين الاعتبار بصورة فاعلة في تصرفاتها والقيام بعمل محدد أو التوجه إلى مكان معين في وقت محدد. فهكذا يعيش النحل الذي يتعلم جمع الرحيق من بعض الزهور في وقت معين من اليوم. (1-1) إدراك الوقت
قد نتساءل أيضا إذا كان لدى الحيوانات «إدراك للوقت» الذي يمر، ولا يكون لهذا السؤال معنى بالطبع إلا فيما يتعلق بالحيوانات التي تمتلك وعيا (انظر الفصل السابع)؛ أي الحيوانات الأكثر تطورا على الصعيد العقلي، ولا سيما الثدييات والطيور. وذلك لأن ثمة تجربة معيشية وجودية مهمة للإنسان تدور داخل الوقت؛ فالإنسان يعرف إلى حد ما «ما ينتظره»، فهو سيكبر ويلد ويشيخ ويموت. لذا يتحكم هذا الشعور الحاد بالوقت الذي يميز جنسنا في غالبية السلوكيات البشرية بوجه خاص وسلوكيات المجتمعات الإنسانية بوجه عام، أو بصورة أدق، توجه هذه السلوكيات «ضد» الوقت الذي يقود حتما إلى الموت. فإن الشعائر الدينية المختلفة للعديد من الحضارات منذ القدم وحتى يومنا هذا، منذ أيام الفراعنة المصريين أو الأباطرة الصينيين، وحتى الشعائر الجنائزية التي تتم ممارستها اليوم في الشرق الأقصى، كلها تهدف إلى مصاحبة المتوفى في رحلته بعد الموت بالغذاء والنقود والخدم والجنود ... إلخ. وكذلك فإن الاعتقاد بوجود «روح» خالدة (انظر الفصل التاسع عشر) يمد مسار الوقت الذي يقوم به شخص في أثناء حياته إلى ما بعد الموت. وإذا ابتعدنا قليلا عن الناحية الدينية، فإن جزءا كبيرا من نشاط الإبداع الفني يكمن في ترك أثر دائم لنشاط الإنسان الفنان وهو أثر من شأنه أن يبقى بعد موته. كان مالرو محقا عندما قال إن الفن «مصير معاد». ويبدو أن الجنس البشري قد تملكه في العديد من المجالات شعور حاد بالوقت الذي يمر والموت الذي يعد نوعا من النهاية.
ليس من اليسير قطعا أن نعرف كيف يشعر الحيوان الذي يدرك الوقت. إلا أنه يبدو أن الحيوان، حتى شديد الذكاء، لديه شعور بالوقت أقل وضوحا من شعور البشر به. وفي الفصول السابقة من هذا الكتاب، قابلنا هذه الفكرة أكثر من مرة: إذا كان التواصل شديد الأهمية لدى العديد من الأجناس الحيوانية (انظر الفصل الثامن)، فهو ينتج بصورة شبه دائمة عند نقل المعلومات «الفورية» أو قصيرة المدى التي قد نترجمها ب «هذه أرضي!» أو «احذر، خطر!» أو «إني جائع!» أو «أرغب في التكاثر!» يتمحور التواصل إذن حول الحاضر بصورة أساسية. ويبدو أن اللغة، وهي نظام تواصل خاص يشير إلى عناصر غير موجودة في البيئة المحيطة الحالية، أكثر ندرة لدى الحيوانات، ولا يتخطى - وفقا لمعارفنا الحالية - الثلاث كلمات لدى النحل، والمائة والخمسين كلمة التي يتعلمها الشمبانزي أو الغوريلا ولكن فقط بتأثير من البشر. وفي الفصل ذاته، أوضحنا أن بعض الحيوانات قادرة على استخدام أدوات بدائية وقد يكون لها تفضيلات جمالية. ولكن بالرغم من هذه القدرات، لا يبدو أن أي حيوان يستطيع ابتكار «أداة جمالية» على المدى الطويل وهو ما يعادل ما نسميه لدى الجنس البشري «عملا فنيا» أو التصميم الأولي له. (1-2) هل لدى الحيوانات شعور بالموت؟
بما أن الشعور بالوقت لدى الإنسان يرتبط بشدة بتوقع الموت، فيبقى أن نتساءل عما هو الشعور بالموت لدى الحيوانات. وليس من السهل أيضا الإجابة عن هذا السؤال. فتسعى أنثى الشمبانزي إلى إرضاع صغيرها المتوفى لإعادته إلى الحياة، ولا تتركه إلا بعد فترة من موته. ولقد تحدثنا كثيرا عن مقابر الفيلة التي تزورها القطعان أحيانا. فيظل تفسير هذه السلوكيات صعبا ويعكس العجز الصارخ الذي تعاني منه معارفنا العلمية الحالية في هذا الميدان.
وفي الختام، دون أن نستبعد وجود شعور ما بالوقت لدى الحيوانات وهو ما يتعين على البحث العلمي تحديده في المستقبل، فيجوز الاعتقاد أن الحيوانات، حتى تلك التي تستطيع أن تدرك «تجربة معيشية في الوقت»، تعيش بصورة أكبر لحظة بلحظة، ولا تكترث بصورة كبيرة بالوقت الذي يمضي مثلما نفعل نحن البشر.
وحتى لو لم يمكنا أن نستبعد نهائيا إدراك وجود المستقبل لدى الحيوانات، فيبدو أن أحد المشاغل التي تؤرق الجنس البشري ويتميز بها عن غيره هو انشغاله بالمستقبل. (2) الإنسان والآلة والوقت (2-1) الوقت بناء تقني
Shafi da ba'a sani ba