Dan Adam a cikin Alkur'ani
الإنسان في القرآن
Nau'ikan
ويستطرد المؤلف إلى تلخيص آراء النشوئيين الذين آمنوا بالخالق، ثم يرجع إلى أقوال الأقدمين من الهمج الذين انتسبوا إلى القردة كما انتسبوا إلى غيرها من الحيوان، ويرجع بعد ذلك إلى أقوال أئمة المسلمين الذين عرفوا الشبه بين الإنسان والقرد، ولم يذهبوا مذهب دارون في تعويله على وجوه الشبه، وإعراضه عن وجوه الخلاف، فيقول: «إن أئمة المسلمين وعلماءهم ذكروا ما هو أغرب وأقرب.»
ويستشهد بكتاب التوحيد الذي أملاه الإمام جعفر الصادق على المفضل بن عمر الجعفي، ومنه على رواية المؤلف: «تأمل خلق القرد وشبهه بالإنسان في كثير من أعضائه، أعني الرأس والوجه والمنكبين، وكذلك أحشاؤه أيضا شبيهة بأحشاء الإنسان، وخص مع ذلك بالذهن والفطنة التي بها يفهم من سائسه ما يومئ إليه، ويحكي كثيرا مما يرى الإنسان يفعله؛ حتى أنه ليقرب من خلق الإنسان وشمائله أن يكون عبرة للإنسان نفسه، فيعلم أنه من طينة البهائم وسنحها؛ إذ كان يقرب من خلقها هذا القرب، وأنه لولا فضيلة فضل بها في الذهن والعقل والنطق كان كبعض البهائم، على أن في جسم القرد فضولا أخرى تفرق بينه وبين الإنسان؛ كالخطم، والذنب المسدل، والشعر المجلل للجسم كله، وهذا لم يكن مانعا للقرد أن يلحق بالإنسان لو أعطي مثل ذهن الإنسان وعقله ونطقه.»
وينتقل المؤلف إلى كلام الدميري؛ إذ يقول عن القرد: إنه «أشبه الإنسان في غالب حالاته؛ فإنه يضحك ويطرب، ويغني ويحكي، ويتناول الشيء بيده، وله أصابع مفصلة إلى أنامل وأظافر، ويقبل التلقين والتعليم، ويأنس بالناس، ويمشي على رجليه حينا يسيرا، ولشعر عينيه الأسفل أهداب، وليس ذلك لشيء من الحيوان سواه؛ فهو كالإنسان، ويأخذ نفسه بالزواج والغيرة على الإناث - وهما خصلتان من مفاخر الإنسان - فإذا زاد به الشبق استمنى بفيه، وتحمل الأنثى أولادها كما تحمل المرأة ... وفيه من قبول التأديب والتعليم ما لا يخفى.»
ويذكر المؤلف أن إخوان الصفاء بلغوا بوصف هذه المشابهة ما لم يبلغه دارون؛ حيث قالوا: إن القرد «لقرب شكل جسمه من جسد الإنسان صارت نفسه تحاكي النفس الإنسانية»، ثم يعقب على هذه التشبيهات جميعا فيقول: إن الإنسان كما يشابه القرد في أشياء يشابه غيره من الحيوان في غيرها، «بل لعل في الحيوانات الدنيا من شبه الإنسان أقساما لا توجد في العليا، فلا يصح الاعتماد على مجرد المشابهة. وهذا الأستاذ الشهير «كوفييه» يقول: إن إدراك القرد ليس أرقى من إدراك الكلب إلا قليلا، وإذا سلمنا أن من لوازم المشابهة التحول، فكيف يتعين تحول الإنسان عن حيوان نشأ عنه القرد؟ فلعل الإنسان تحول قردا! وهذا ما نص عليه الذكر الحكيم».
وبعد مناقشة المؤلف قرينة الشبه الظاهر بين الإنسان والقرد، مضى يناقش القرائن الأخرى التي يستند إليها النشوئيون للقول بتحول الأنواع، وتحول النوع الإنساني من بينها عن أصله المشترك بينه وبين الفقاريات العليا، فنهج في مناقشته على هذا المنهج الذي يستمد الدليل من أصول الجدل المنطقي تارة، ومن تجارب للواقع تارة أخرى، وأفادته مطالعاته المتفرقة لمراجع المذهب فلم يخطئ مواضع الحجة الواقعية أحيانا، مع اعتماده الغالب على منهج النقائض الجدلية.
ومن قبيل ذلك أنه عمد إلى دليل من أقوى أدلة النشوئيين، وهو بقاء الأعضاء الأثرية - كالثندوة - في ذكور الإنسان، فتساءل: «لا أدري لماذا بقي أثر عار الخنوثة ظاهرا في الإنسان، ولم يبق فيما هو أدون منه في سلم الارتقاء كذوات الحافر؟» ولم ينس أن يستدرك على هذا الاعتراض بما أسنده إلى ما قال الشيخ الرئيس في الشفاء:
إن الفيل الذكر له ثدي كما للإنسان، وذكور ذوات الحافر لا ثدي لها إلا ما يشبه أمهاتها، وينزع إليها كما يعرض مرارا في الخيل.
وجملة رأي المؤلف أن ما يسمى بالأعضاء الأثرية يدخل في باب «الشذوذات» التي تعرض لتركيب بعض الأحياء وهي أجنة في بطون أمهاتها، أو تعرض لها خلال نموها، وعدد من ذلك ما يولد وله أربع أيد، أو ما يولد وله جوف واحد ورأسان وأربع أقدام، أو ما يولد وقلبه في غير موضعه، ثم قال متسائلا: «فهل يمكن تعليل هذه الشواذ المشنوعة بحيوانات كانت كذلك في العصور الجيولوجية، فانتقلت إلى هؤلاء التعساء بناموس «الأتافيسيم»؟ فإن لم يمكن ذلك؛ فلتكن الشواذ التي فيها بعض الشبه بالحيوانات من هذا القبيل.»
ومنهج المؤلف في نقد الانتخاب الجنسي - وهو سبب هام من أسباب التطور - كمنهجه فيما تقدم، فهو يبدأ بالانتخاب الجنسي في النبات ويسأل: كيف يقع الانتخاب الجنسي بين النباتات التي لا يتوقف تلقيحها على الحشرات والطيور؟ وكيف تميز الحشرات والطيور ما هو جميل وما هو أجمل؟ ثم يقول: «إن العجماوات قليلة الإدراك لما في المصنوعات الجميلة من الجمال، حتى أن بعضهم جعل ذلك أعظم فارق بين الإنسان وبينهما، وكان الأستاذ هكسلي ممن يذهب هذا المذهب.»
قال: «ثم هب أن هذه الحيوانات الملحقة عذرية الهوى والغرام، وهائمة بالجمال كعروة بن خزام، ولكنها لا تريد مغازلتها، بل تطلب رزقها المقسوم لها، وعند أي نبات وجدته لقحته حسنا كان أو قبيحا، فلا أدري بم يعلل هذا الحسن والانتظام في الفواكه والأثمار، وما فيها من الطعم المحبوب، والنكهة الطيبة ونحوهما مما لا يوجد إلا بعد التلقيح؟»
Shafi da ba'a sani ba