لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (٦)
الإنصاف في حكم الاعتكاف
تأليف
الإمام أبي الحنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي ولد ١٢٦٤ وتوفي ١٣٠٤ هـ رحمه الله تعالى
ومعه
الإسعاف بتحشية الإنصاف
تأليف
الشيخ محمد عبد الغفور الرمضانفوري ولد ١٢٧٠ وتوفي ١٣٤٨ هـ رحمه الله تعالى
حققه وخرج نصوصه وعلق عليه
مجد بن أحمد مكي
دار البشائر الإسلامية
Shafi da ba'a sani ba
الإنصاف في حُكم الإعتكاف
ويليه
ردع الإخوان عن محدثات آخر جمعة رمضان
1 / 2
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى في لكنو من الهند سنة ١٣٠٣
الطبعة الثانية في لكنو أيضًا من الهند سنة ١٣٣٧
الطبعة الثالثة وهي المحققة في بيروت سنة ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
دار البشائر الإِسلاميّة للطباعة والنشر والتوزيع
هاتف:٧٠٢٨٥٧ - فاكس: ٧٠٤٩٦٣/ ٠٠٩٦١١
بيروت - لبنان ص ب: ٥٩٥٥/ ١٤
e-mail: [email protected]
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المعتني بالكتاب
الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسَّلامُ على خاتم النبيِّين وإمام المرسلين، سيِّدنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.
أما بعد؛ ففي رحاب البيت العتيق، وفي الليالي العشْرِ الأواخر من شهر رمضان، نجتمعُ في كلِّ عامٍ مع نخبةٍ من أهل العلم والخير والبرّ، ونتدارسُ في مباحث العلم، ويتكرَّرُ هذا اللقاء في كلِّ عام، وَتَتَّسع هذه الحلقة المباركة، وتتوثَّق أواصر الأُخوَّة والأُلْفَةِ والمحبَّة، وتتعمَّق روابط المودَّة والتناصح والتراحم والتعاون.
وقد اتَّفق هؤلاء الأصحاب الكرام (١) على إصْدار رسائل علمِية تُقْرأ في تلكَ المجالس المباركة، وينتفع بها الإِخوة الصَّالحون المحبُّون، الذين يفدون إلى المسجد الحرام في العشر الأخير من شهر رمضان، فكانت سُنةً حسنةً، وعملًا مباركًا، وعلمًا نافعًا مفيدًا.
_________
(١) وفي مقدمتهم: الأخ الفاضل العالم الداعية الشيخ نظام يعقوبي البحريني، والأخ الكريم الباحث الدؤوب الشيخ محمَّد بن ناصر العجمي الكويتي، والأخ الحبيب الناشر المتقن الأستاذ رمزي دمشقية صاحب "دار البشائر الإِسلامية".
1 / 5
فاخترتُ رسالتين من رسائل الإِمام محمَّد عبد الحي اللكنوي رحمه الله تعالى، لهما ارتباط وثيق بمناسبة هذا الشهر المبارك.
وأما الرسالة الأولى فعنوانها: "رَدع الإِخوان عن مُحْدَثات آخرِ جمعةِ رمضان"، وقد انتهيتُ بفضلِ الله وعونه من خدمتها والعنايةِ اللائقةِ بها.
وأما الرسالة الثانية، فهذه التي بين يديك، وعنوانها: "الإِنصاف في حكم الاعتكاف"، ومعها: "الإِسعاف بتحشية الإِنصاف" لتلميذ المؤلف الشيخ محمَّد عبد الغفور الرَّمْضانفوري.
وأتكلَّم بين يدي هاتين الرسالتين بكلمةٍ موجزة عن الاعتكاف، ثم عن موضوع هاتين الرسالتين، ثم التعريف بصاحب الحاشية، وخدمتي لهما.
وأسألُ الله سبحانه التوفيق لِمَحَابِّه، وخدمة كتابِهِ، وسنَّة نبيِّه ﷺ، إنَّه نعْمَ المولى والنَّصير.
حِكمةُ الاعتكاف:
قال الإِمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى: "لمَّا كان صلاحُ القلب واستقامتُه على طريق سَيْره إلى الله تعالى، متوقِّفًا على جمعيَّتِهِ على الله، ولمِّ شعثه بإقباله بالكليَّة على الله تعالى؛ فإنَّ شَعَثَ القلب لا يَلُمُّه إلَّا الإِقْبالُ على الله تعالى، ولمَّا كان فُضُولُ الطَّعام والشَّراب، وفُضولُ مخالطة الأنام، وفضولُ الكلام، وفضولُ المنام، ممَّا يزيده شَعَثًا، ويُشَتِّتُهُ في كلِّ واد، ويقطعه عن سَيْره إلى الله تعالى، أو يُضعِفُهُ، أو يعوقُه ويوقِفُه: اقْتَضَتْ رحمة العزيز الرحيم بعباده أنْ شَرَعَ لهم من الصَّوم ما
1 / 6
يُذهبُ فضولَ الطعام والشراب، ويستفرغُ من القلبِ أخلاطَ الشَّهوات المعوِّقة له عن سَيْره إلى الله تعالى، وشَرَعَهُ بقدر المصلحة، بحيث ينتفعُ به العبد في دنياه وأُخراه، ولا يضرُّه ولا يقطعُهُ عن مصالحه العاجلة والآجلة.
وشَرَعَ لهم الاعتكاف الذي مقصودُه وروحُه عكوفُ القلب على الله تعالى، وجمعيَّتُهُ عليه، والخَلْوةُ به، والانقطاعُ عن الاشتغال بالخلق، والاشتغالُ به وحدَهُ سبحانه، بحيث يصيرُ ذكرُهُ وحبُّه والإِقبالُ عليه في مَحَلِّ هموم القلب وخَطَراته، فيستولي عليه بدلَها، ويصيرُ الهمُّ كلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكُّرُ في تحصيل مراضيه، وما يقرِّب منه، فيصيرُ أُنْسُهُ بالله بدلًا من أُنسِهِ بالخَلْق، فيعدُّه بذلك لأنسه به يوم الوَحْشة في القبور حين لا أنيسَ له، ولا ما يفرحُ به سِواه، فهذا مَقْصود الاعتكاف الأعظم" (١).
"فالخَلْوةُ المشروعة لهذه الأُمَّة هي الاعتكاف في المساجد، خصوصًا في شهر رمضان، خصوصًا في العشر الأواخر منه، كما كان النبيُّ ﷺ يفعله. فالمعتكفُ قد حَبَسَ نفسَه على طاعة الله وذكرِهِ، وقطع عن نفسه كلَّ شاغل يشغلُهُ عنه، وعَكَفَ بقلبه وقالَبِهِ على ربِّه وما يقرِّبه منه، فما بقيَ له همٌّ سوى الله ﷿ وما يرضيه عنه.
فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قَطْعُ العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق" (٢).
_________
(١) زاد المعاد ٢: ٨٦ - ٨٧.
(٢) لطائف المعارف، لابن رجب الحنبلي ص ٣٤٨ - ٣٤٩ بتصرف واختصار.
1 / 7
رسالة اللكنوي "الإِنصاف في حكم الاعتكاف":
حفلت كتب الفقه بالحديث عن أحكام الاعتكاف وأدلة مشروعيته، وشروط صحته، وأركانه، ومُبْطلاته، وما يشرع للمعتكف وما يُباح له وما يُنهى عنه، وأُفردت مؤلَّفات قديمة وحديثة تتحدَّث عن أحكامه بشمول واستيعاب أو عن بعض جزئياته.
ومن هذه المؤلَّفات: رسالة الإِمام اللكنوي "الإِنصاف في حكم الاعتكاف" وهي تبحث في موضوع واحد، وهو: حكم الاعتكاف.
سببُ تأليف الرسالة وتاريخ كتابتها:
والذي دعاه إلى تأليف هذه الرسالة مباحثة علمية جَرَتْ بينه وبين بعضِ الفضلاء سنة ١٢٨٢ - وكان سنُّه آنذاك ١٨ سنة- في حكم الاعتكاف، وتكلَّم كلٌّ منهما بما خطر على خاطره، دون تحقيق المسألة بالرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة، فقامَ المؤلِّف رحمه الله تعالى بدراسة المسألة وبحثها، والتفتيش في كتب الفقه وحَرْثِها، وبيَّن باستيعاب حكم الاعتكاف. وكان فراغُهُ من تأليفها في التاسع من شهر رمضان سنة ١٢٨٤، وله من العمر عشرون عامًا رحمه الله تعالى.
مباحث الرسالة:
بحثَ المؤلِّف رحمه الله تعالى حكم الاعتكاف في ست مقامات:
المقام الأول: هل الاعتكاف مستحب أو سنَّة أو مباح أو واجب؟
المقام الثاني: هل هو سنَّة مؤكَّدة، أو غير مؤكَّدة؟
المقام الثالث: هل هو سنَّة مؤكَّدة كفاية أم عينًا؟
1 / 8
المقام الرابع: هل هو سُنَّة كفاية على أهل البلدة، أم على أهل كل محلة؟
المقام الخامس: هل هو سُنَّةٌ مؤكَّدة مُطْلقًا أم في رمضان؟
المقام السادس: هل السُّنَّة استيعاب العَشْر الأواخر من رمضان بالاعتكاف؟ أم الاعتكاف في جُزْءٍ منه؟
وقد أجاب عن كلِّ هذه التساؤلات باستيعابٍ وشمولٍ واستقصاءٍ.
وتتجلَّى في هذه الرسالة الصَّغيرة -كسائر رسائل اللكنويّ-: التتبع والدقة والأناة والإِنصاف.
فهو في هذه الرسالة يرجع إلى أكثر من عشرين مرجعًا من مراجع الفقه الحنفي، ويناقش فيها الكثيرَ من الأقوال. فقد ناقش عبارة القُدوري بقوله باستحباب الاعتكاف، وأنَّه يُحمل قوله على استحبابه في نفسه، والسُّنيَّةُ في الاعتكاف بالعشر الأواخر.
وناقش قولَ مَنْ يرى الوجوب بدليل مواظبة النبيِّ ﷺ؛ بأنَّ المواظبة مع عدم الإِنكار على مَنْ تَرَكَه دليل السُّنيَّة.
وناقش قولَ من يرى أنَّ الاعتكاف له نوع اختصاص بالنبيِّ ﷺ، وأنَّه مندوب للأمة. وردَّ على من صحَّح القول بأنه سنَّة عين لا سنَّة كفاية.
وانتهى إلى أن: الاعتكاف في نفسه مستحبٌّ، ويجبُ بالنذر وغيره، وهو سنَّة مؤكَّدة كفاية في العشر الأواخر من رمضان على سبيل الاستيعاب.
1 / 9
حاشية الرسالة "الاِسعاف" وترجمة مؤلِّفها:
قام تلميذ المؤلف الشيخ محمَّد عبد الغفور الرمضانفوري بتحشية رسالة شيخه الإِمام اللكنوي في حياته وسمَّاها: "الإِسعاف بتحشية الإِنصاف"، وكان انتهاؤه من كتابة تعليقاته في ربيع الأول سنة ١٣٠٢.
وقد أحال في كثير من تعليقاته إلى كتب المؤلِّف اللكنوي مثل: "تحفة الأخيار في إحياء سُنَّة سيِّد الأبرار"، وتعليقاته عليها: "نُخْبة الأنظار"، و"السِّعاية في كشف ما في شرح الوقاية"، و"عُمْدة الرعاية في حل شرح الوقاية"، و"النافع الكبير لمن يُطالع الجامع الصغير". وترجم للأعلام المذكورين في الرسالة اعتمادًا على كتب اللكنوي في التراجم، وفي مقدمتها: "الفوائد البهيَّة في تراجم الحنفية"، و"التعليقات السنية"، و"طَرَب الأماثل بتراجم الأفاضل"، و"فَرْحة المدرسين بذكر المؤلَّفات والمؤلِّفين". كما أكثر من النقل من "فتح الباري" لابن حجر.
وأما ترجمة تلميذ المؤلف الشيخ محمَّد عبد الغفور الرمضانفوري فهي، كما وردت في كتاب "نزهة الخواطر" (١) للعلَّامة المؤرِّخ الشيخ عبد العلي الحسني رحمه الله تعالى:
"الشيخ العالم الفقيه عبد الغفور الرَّمْضَانفوري البهاري، أحد العلماء المشهورين، وُلد في سنة سبعين ومائتين وألف بقرية: (رمضان فور) من أعمال (مونكير)، واشتغل أيامًا على المولوي إسماعيل الرَّمْضانفوري، والشيخ محمَّد أحسن الكيلاني (٢).
_________
(١) ٨: ٢٨٩.
(٢) المتوفى سنة ١٣٠١ رحمه الله تعالى، انظر ترجمته في: "النزهة" ٨: ٤٣١ - ٤٣٢.
1 / 10
ثم سافر إلى (لكنو)، وأخذ عن العلامة عبد الحي بن عبد الحليم الأنصاري اللكنوي، ثم سار إلى (سهارنفور) وأخذ الحديث عن الشيخ أحمد علي بن لطف الله السَّهارنفوري (١) المحدِّث، ثم رجع إلى بلاده.
وله مصنَّفات منها: "الإِسعاف حاشية الإِنصاف"، و"تسهيل المتأمِّل"، و"شرح التهذيب"، و"عمدة المفاسد"، و"مفيد الأحناف"، في مبحث السلام، ورسالة في سُجود السهو، و"خُلاصة المُفْردات"، وله غير ذلك من الرسائل". انتهى.
ولم يذكر وفاته، وجاء ذكر وفاته سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة، في كتاب "الإِمام عبد الحي اللكنوي" (٢) لوليِّ الدين الندوي، عن ثمان وسبعين عامًا رحمه الله تعالى.
كلمة عن أصول الرسالتين وعملي فيهما:
طُبِعت هذه الرسالة مع حاشيتها في حياة المؤلِّف رحمه الله تعالى بالطباعة الحَجَرية، بحروف دقيقة ناعمة، وحواشٍ كثيرة متداخلة، بالمطبع المُصْطفاني سنة ١٣٠٣ ضمن مجموعة الرسائل الخمسة، في سبع صفحات من ص ٨٦ - ٩٢.
والطبعة الثانية التي وقفت عليها طبعة حجرية أيضًا صدرت سنة ١٣٣٧ في المطبع اليوسفي للحاج المفتي محمَّد يوسف في عشر صفحات، ضمن مجموعة الرسائل الخمسة أيضًا من ص ١١٦ - ١٢٥.
وعن هاتين الطبعتين أَنْشُرُ هاتين الرسالتين.
_________
(١) المتوفى سنة ١٢٩٧ بمدينة سهارنفور، انظر ترجمته في: "النزهة" ٧: ٥٠.
(٢) ص ١٣٦.
1 / 11
وأما عملي فيهما، فهو بين يدي القاريء، فقد فصَّلت مقاطعهما وجملهما، ونسَّقت الحواشي مع الأصل، واعتنيتُ بعلامات الترقيم والضبط، حتى أصبحت سهلة التناول قريبة الفهم.
ورجعتُ إلى كثيرٍ من المصادر التي رَجَع إليها المؤلف، ولا سيَّما في حواشي "الإِسعاف"، وصححتُ بعض ما وقع فيها من تحريف.
وعلَّقت على مواضع يسيرة من الحاشية، التي استوعَبَتْ ما في الرسالة ولم تترك مبحثًا دون شرحٍ وتفصيل، فعلَّقت على الحاشية بعض التعليقات اليسيرة التي تزيدُها نفعًا وإفادة بعون الله تعالى.
ولم أترجم للمؤلِّف رحمه الله تعالى لشهرته وكثرةِ ما كُتب عنه، واقْتَصرت على ترجمة تلميذه محمَّد عبد الغفور الرَّمْضَانْفُوري.
ولم أصنع للرسالة فهارس علمية متنوِّعة لِصِغَرِها ويُسْرِ الوصول إلى فوائدها، واكتفيتُ بصنع فهرس عام لمحتوياتها.
وفي الختام: أسأل الله ﷿ أن يتقبَّل جهدي اليسير، في خدمة هاتين الرسالتين، ويرزقَني الإِخلاص في العلم والعمل، وكما أسأله سبحانه أن يرحمنا ويرحمَ والدينا ومشايخَنا وسائرَ المسلمين، ويغفرَ لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان، ويلحقنا بالصالحين، والحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على سيِّدنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين.
وكتبه
مجد بن أحمد مكي
الجمعة ٢٣/ جمادى الأولى ١٤٢٠
1 / 12
بسم الله الرحمن الرحيم
لَكَ الحَمْدُ يا مَنْ هو مُسْتَجْمِعٌ لِكمَالِ الأوْصَاف، وأشهدُ أنْ لا إله إلَّا أَنْتَ لا شَريكَ لكَ في أطْرافِ العالَم والأكْناف، وَأُصلِّي وأُسلِّم على حَبيبِكَ محمدٍ المُجْتَبَى، أحمد المُصْطَفى، مُخْرجِ الأمَّةِ عن طريق الاعتِساف، وعلى صحبِهِ وآلهِ الأخيارِ والأشراف.
أما بعد؛ فيقول مَنْ لا صِنَاعةَ له إلَّا اكتسابُ الخطيئات، أبو الحَسَنات محمَّد، المدعو بعبد الحيِّ اللكنويِّ وطنًا، الأنْصاريِّ الأيوبيِّ القُطْبيِّ نَسَبًا، الحنفي مذهبًا، تَجَاوَزَ الله عن ذَنبِه الجليِّ والخفيِّ (١):
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لمن خَلَقَ الإِنسانَ وعلَّمه البيان، أشهد أنَّه لا إله إلاَ هو وحدَهُ لا شريكَ له، خالقُ كلِّ كمينٍ ومَكَان، وأصلِّي وأسلِّم على رسوله محمدٍ سَيِّد الإِنْس والجانّ، وعلى آله وصحبِه والتابعين لهم بإحسانٍ، وبعد:
فيقول الراجي إلى رحمة ربِّه الشَّكور، محمَّد عبد الغفور الرمضانفوري، حفظه الله عن الشرِّ المعنوي والصُّوري:
هذه تعليقَاتٌ متفرِّقة، مُشْتَمِلَةٌ على فَوَائدَ مُتَشَتِّتة على رسالة المولى المحقِّق، =
1 / 13
قد جَرى النِّزاع (١) بيني وبين بعضِ الفُضَلاء سَنة اثنتين وثمانينَ بعد الألف والمائتين من هجرةِ رسول الثَّقَلَيْن صلَّى عليه وعلى آلِهِ رب المَشْرِقَيْن، في أنَّ الاعتكاف (٢): هل هو سُنَّة مُؤَكَّدةٌ على
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
= والأستاذ المدقِّق، دَامَ ظلُّه على رؤوس المستفيدين والمسترشدين، المسماة بـ: "الإنصاف في حكم الاعتكاف" سَمَّيتُها بـ:
"الإسعاف بتحشية الإِنْصاف"
وأرجُو مِنَ الله تعالى أنْ يتقبلَها بلُطْفِهِ العميم، ويجعلَها خالصةً لوجهِهِ الكريم.
(١) قوله (قد جَرى النزاع ...) إلخ: كان ذلك في حَيدر آباد من بلاد الدَّكَن مُشَافهةً ومُكالمةً، وذلك بَعْدَمَا عَادَ إليه الأستاذ المُصَنِّف، لا زالتْ شمسُ أفضاله بازغةً، وأقمارُ فيوضِه سَاطعة، عن حجِّ بيت الله الحرام، وزيارةِ مسجدِ النبي ﵊ مرةً أولى، وكان مُشتغلًا بتحصيلِ العلوم عند والده العلَّام المرحوم هناك.
(٢) قوله (الاعتكاف): افتعالٌ من عَكَف، وهو لازمٌ من طَلَب (١)، فمصدره: العكوف، وهو اللزوم على الشَّيء خيرًا كان أو شرًّا، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾ (٢).
ومُتَعدٍّ: من ضَرب، ومصدرُه: العكف، بمعنى الحَبْس والمنع، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا﴾ (٣)، ومنه: الاعتكاف في المسجد. لأنَّه حبْسٌ النفس ومنعه، سمِّي هذا النوع من العبادة؛ لأنَّه إقامة في المسجد مع شرائطه.
وفي الشَّرع: اللُّبْثُ والإِقامة في المسجد للعبادةِ من شخصٍ مخصوصٍ، بنيَّةٍ، بصفةٍ مخصوصة. =
_________
(١) يصحُّ في مضارعه: كسر عين الفعل وضمها: يَعْكُفُ، ويَعْكِفُ.
(٢) سورة الأعراف، آية ١٣٨.
(٣) سورة الفتح، آية ٢٥.
1 / 14
الكفاية (١)، أو على العَيْن (٢)؟
وعلى التقدير الأول: هل هو سنَّة كفاية على أهل البلدة، كَصَلاةِ الجنازة، أو على أهلِ كلِّ مَحلَّة، كالتراويحِ بالجماعة؟
فتكلَّم كلٌّ منا بما خَطَر في خَاطِره، من دون أن يتجسَّس تحقيقه من كتبِ الفقه، فأردتُ أن أكتبَ فيه ما يَسْلُكُ مَسْلَك السَّداد، ويُثْبِتُ ما هو المقْصُود والمُرَاد، وسميته بِـ:
"الإنصاف في حكم الاعتكاف"
وأسألُ الله تعالى قَبولَه بالتضرُّع والإِلحاف، فأقول:
قد وقع الاختلاف في أنَّ الاعتكاف مُسْتَحَبٌّ (٣) أو سنَّة؟
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
= والأصل فيه: الكتاب، والسنَّة، وإجماع الأمة، وهو من الشرائع القديمة؛ لقوله تعالى: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ﴾ (٤).
وهو سُنَّة في العشر الأواخرِ من رمضان، واتَّفقوا على استحبابه في غيرِهِ، ووجوبه إذا نَذَر مُنْجزًا كان أو مُعلَّقًا، كما ستَعرف.
(١) قوله (سُنَّة مؤكَّدة على الكفاية): وهي التي يُثَاب إنْ أَتى بها، وَيُلامُ لو تَركوا جميعًا.
(٢) قوله (أو على العَيْن): أي ثابتٌ على كُل مُكلَّف بعينِهِ، ولا يَسْقُطُ عن الآخرين بأداءِ البعض.
(٣) قوله (مُسْتَحَب): السين والتاء زائدتان، أي: المحبوب فيه، والمحبوب في اللغة: ضد المكروه، واصطلاحًا: ما فعله النبي ﷺ مرةً، وتركَه أخرى، فيثابُ على فعلِهِ، ولا يلامُ على تركه، كما في "شرح الملتقى".
_________
(٤) سورة البقرة، آية ١٢٥.
1 / 15
وعلى الثاني: هل هو سُنَّة مؤكَّدة أو غيرُ مؤكَّدة (١)؟
وعلى الأول: هل هو سُنَّةٌ مُطْلقًا أو في العَشْرِ الأواخرِ من رمضان، وهل هو سُنَّةٌ كفايةً أو عَيْنًا؟
فلنذكر منها ما يرفع الحجاب عن وَجْه هذا الباب، مُستعينًا بحبْلِ المولى الوهَّاب، فههنا مقامات:
المقام الأول:
هل الاعتكاف مُسْتَحَبٌّ أو سُنَّة أو مباحٌ أو واجبٌ (٢)؟
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (سُنَّةٌ مؤكَّدة أو غير مؤكَّدة): اختار في "البحر" تعريفين للسُّنَّة، الأول: أنَّها الطَّريقة المسْلوكة في الدين من غير لزومٍ على سبيل المواظبة، الثاني: أن السنة ما وَاظَبَ عليها النبي ﷺ لكن إن كانت لا مَعَ التَّرك، فهي دليلُ السُّنَّة المؤكَّدة، وإن كانت مع الترك أحيانًا فهي دليلُ غيرِ المؤكَّدة، وإن اقْتَرَنَتْ بالإنكار على مَنْ لم يفعله فهي دليل الوجوب، وإن لم تقْترن به فهي دليل السُّنَّة المؤكَّدة على الكفاية، وهذا في غير الواجبِ المُختَصِّ به ﷺ، أما هوَ فقد لا ينكر على تركِهِ مع وجوبه في حقِّه، كصلاة الضُّحى فافهم، كذا في الطَّحْطاوي. وتفصيل تعريف السُّنَّة وما وقع فيه من الاختلاف مع تنقيح الحقِّ والإنْصاف، ليُطْلب من: رسالة الأستاذ العلامة المُسمَّاة بـ "تُحفة الأخيار في إحياء سنة سيد الأبرار" (٥)، وتعليقاته عليها المُسمَّاة بـ "نُخْبة الأنظار".
(٢) قوله (أو واجب): قال ابن عابدين في "حاشية الدر المختار": ما كان فعلُهُ أوْلى من تركِهِ مع منعِ الترك إن ثَبَت بدليلٍ قطعي ففرضٌ، أو بظنيٍّ فواجبٌ، وبلا منع =
_________
(٥) في الأصل الثاني في ذكر عبارات الفقهاء والأصوليين الواقعة في تعريف السنَّة المؤكدة مع ما لها وما عليها ص ٦٨ - ٨٦ وأورد عن اثنين وعشرين فقيهًا أقوالهم في تعريفها، وناقشها، وحاكم بينها.
1 / 16
فَذَهَبَ بعضُ المالكيّة إلى أنَّ الاعتكافَ أمرٌ مباح، وهذا القول ممَّا لا اعتدادَ به.
قال أبو بكر المالكي: قولُ أصحابنا أنَّه جائز (١) جهل.
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
= الترك إن كان ممَّا واظب عليه الرسول ﷺ والخلفاء الراشدون من بعده فسنَّة، وإلَّا فمندوب. ويُطْلب تفصيل هذا البحث من "السعاية في كَشف ما في شرح الوقاية" (٦) للأستاذ.
(١) قوله (قول أصحابنا أنَّه جائز): قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": ومن كلام مالك (٧) أَخذ بعض أصحابه أنَّ الاعتكاف جائز، وأنكر ذلك عليهم ابن العربي (٨)، وقال: إنه سُنَّةٌ مؤكَّدة، وكذا قال ابن بطَّال: في مواظبة النبي ﷺ عليه ما يدلُّ على تأكُّده (٩)، وقال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحدٍ من العلماء خلافًا أنه مسنون (١٠). انتهى.
_________
(٦) ١: ١٦٤ - ١٦٩.
(٧) وهو قوله: "ما رأيت صحابيًّا اعتكف، وقد اعتكف ﷺ حتى قُبض، وهم أشدُّ الناس ... فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنَّه لشدته؛ نهاره وليله سواء؛ كالوصال المنهي عنه مع وصاله المنهي عنه"، نقله ابن رشد في "بداية المجتهد" ١: ٣١٢ وعلَّله بأنَّه كرهه مخافة أنْ لا يوفي بشرطه.
(٨) قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" ٤: ٣: "وهو سُنَّة وليس ببدعة، ولا يقال فيه: مباح؛ فإنَّه جهلٌ من أصحابنا الذين يقولون في كتبهم: الاعتكاف جائز".
(٩) قال ابن عبد البر في "التمهيد" ٢٣: ٥١ - ٥٢: "في هذا الحديث، أي حديث أبي سعيد الخدري: كان رسول الله ﷺ يعتكف العشر الوسط من رمضان ... وهو من أصح حديث يُروى في هذا الباب، دليل على أن الاعتكاف في رمضان سنَّة مسنونة؛ لأن رسول الله ﷺ كان يعتكف في رمضان، ويواظب على ذلك، وما واظب عليه فهو سنَّة لأمته، وأجمع علماء المسلمين على أنَّ الاعتكاف ليس بواجب، وأن فاعله محمودٌ عليه مأجور فيه. وهكذا سبيل السُّنن كلها ليست بواجبة فرضًا، ألا ترى إلى إجماعهم على قولهم: هذا فرض، وهذا سنَّة، أي هذا واجب، وهذا مندوب إليه، وهذه فريضة، وهذه فضيلة انتهى.
(١٠) فتح الباري ٤: ٢٧٢.
1 / 17
ولم أطَّلع على مَنْ قال بوجوب الاعتكاف مُطْلقًا (١)، بل قد ادَّعى النووي (٢) في "شرح صحيح مسلم" الإِجماعَ على عدم وجوبه (٣).
وأما أصحابُنا الحنفيّة فَعُلِمَ من اختلافِ عباراتهم أنَّهم تفرّقوا فيه ثلاث فرق:
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (مطلقًا): سواء كان في العَشْر الأواخر من رمضان أو في غيره من الأزمنة.
(٢) قوله (النووي): هو شيخ الإِسلام يحيى بن شرف بن مُرِّي، محيي الدين النووي الشافعي، وُلد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وتوفي بعدما زار القدس في رجب سنة سبع وسبعين وستمائة، وقيل: ست وسبعين (١١)، من تصانيفه: "شرح صحيح مسلم"، و"تهذيب الأسماء واللغات"، و"شرح المُهَذَّب"، و"المنهاج"، و"كتاب الأذكار"، و"رياض الصالحين"، و"المناسك"، و"الأربعون"، و"التبيان في آداب حَمَلة القرآن"، و"كتاب المُبْهَمات"، و"التحرير في ألفاظ التنبيه"، و"نكت التنبيه"، و"الخُلاَصة"، و"الإِرشاد" و"التقْريب والتيسير"مختصر "الإِرشاد"، و"تُحفة الطالب"، و"نكت على الوسيط"، و"شرح الوسيط"، و"شرح قطعة من صحيح البخاري"، و"طَبَقات الشافعية"، و"رؤوس المسائل"، و"رسالة في الاستِسْقاء"، و"رسالة في استحباب القيام لأهل الفضل"، وأخرى في "قسمة الغنائم"، و"الأصول والصوابط"، و"الإِشارات على الروضة". وإن شِئْتَ زيادةَ الاطلاع فعليك بـ "التعليقات السنيَّة على الفوائد البهيَّة" (ص ١٠ - ١١) للأستاذ العلامة، وبرسالته المُسَمَّاة بـ "فرحة المدرسين بذكر المؤلَّفات والمؤلفين".
(٣) قوله (الإِجماع على عدم وجوبه): أي اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، حيث قال: "وقد أجمع المسلمون على استحبابِهِ، وأنَّه ليس بواجب" (١٢). انتهى.
_________
(١١) وهو الصواب فإن وفاته في الرابع والعشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة كما نصَّ على ذلك تلميذه ابن العطار في "تحفة الطالبين"، والسبكي في "الطبقات".
(١٢) شرح صحيح مسلم للنووي ٦٧:٨.
1 / 18
فذهب القُدُوري (١) في "مختصره" إلى استحبابه، حيث قال: "ويُسْتَحب"، وغيرُه إلى أنه سُنَّة مُؤَكَّدة.
قال المَرْغيناني (٢) في "الهداية": الصحيحُ أنَّه سُنَّةٌ مؤكَّدة؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ واظَبَ عليه في العَشْر الأواخر من رمضان (٣)، والمواظَبَةُ دليلُ
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (فَذهب القُدوري): هو أحمد بن محمَّد بن أحمد، أبو الحسين الحنفي البغدادي القُدُوْري -بضم القاف والدال المهملة وسكون الواو بعدها راء مهملة- قيل: إنَّه نسبة إلى قريةٍ من قُرى بغداد، يقال لها "قدورة"، وقيل؛ نسبة إلى بيع القُدُور، صنَّف " المختصر" المشهور، و"شرح مختصر الكرخي"، و"التجريد"، في سبعة أسفار مشتَملٌ على الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى، كان ثقةً صدوقًا، سمع الحديث، وروى عنه الخطيب، وكانت ولادتُه سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، مات في رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ببغداد. والتفصيل في "الفوائد البهيَّة في تراجم الحنفية" (ص ٣٠ - ٣١) للأستاذ العلَّامة، وفي "فرحة المدرسين".
(٢) قوله (المَرْغِيْنَاني): هو علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفَرْغَاني المَرْغِيْنَاني، نسبة إلى مَرْغِيْنان -بفتح الميم وسكون الراء المهملة، وكسر الغين المعجمة، وسكون الياء بعدها نون ثم ألف بعدها نون- بلدة من بلاد فَرْغَانة، جمع بين "المختصر" للقُدوري، و"الجامع" وسمَّاه: "بداية المُبْتدي"، وشَرَحه وسمَّاهُ بـ "كفاية المنتهي"، ثم اختصره وسمَّاه بـ "الهداية"، وصنَّف "المنتقى"، و"نشر المذهب"، و"التجْنيس"، و"المزيد" و"مناسك الحج"، و"مختارات النوازل" وكتابًا في الفرائض، توفي في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. والبَسْط في: "الفوائد البهيَّة" (ص ١٤١ - ١٤٤)، و"مقدمة الهداية" (١: ١١ - ١٣)، و"مقدمة السِّعاية" (٢٤ - ٢٥)، كلُّها للأستاذ العلَّامة.
(٣) قوله (وَاظَب عليه ...): أخرج الأئمة الستة في كتبهم، واللفظُ للبخاريِّ عن عائشةَ زوجِ النبي ﷺ: "أنَّ النبي ﷺ كان يعتكفُ العشرَ الأواخر من رمضان =
1 / 19
السُّنِّيَّة، وهكذا ذكر في "المحيط" (١) و"البدائع" (٢)
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
= حتى توفَّاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده" (١٣)، إلَّا ابن ماجه فإنَّه أخرجه عن أُبيِّ بن كَعب قال: "كان النبي ﷺ يعتكفُ العَشْر الأواخرَ من رمضان، فَسَافَر عامًا، فلمَّا كان العام القَابل، اعتكف عشرين يومًا" (١٤)، وأخرجه أبو داود والنسائي أيضًا، ولفظُهما: "ولم يعتكف عامًا" (١٥).
(١) قوله (في المحيط): المراد به حيث أُطْلق "المحيط البُرْهاني" غالبًا، وهو مؤلِّف "الذخيرة"، وقد يُراد به "المحيط" للسَّرَخْسي محمَّد بن محمَّد بن محمَّد الملقَّب برضيِّ الدين السَّرَخْسي، نسبة إلى سَرَخْس بفتح السين والراء وسكون الخاء، بلدةٌ قديمةٌ من بلاد خُراسان، وهو اسمُ رجلٍ سَكَنَ هذا الموضع، وعَمَّره وأتمَّ بناءه ذو القرنين، توفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وفي تحقيق عدد المحيطات وتعيين مؤلفيها اختلافٌ ذكره الأستاذ العلام -مُدَّ ظله- في "الفوائد" (ص ١٨٨ - ١٩١). إنْ شئْتَ فَطَالعها، فلعلَّك لا تجد في غيرها مثلَ هذه الفرائد.
(٢) قوله (والبدائع): لأبي بكر بن مسعود بن أحمد علاء الدين مَلكُ العلماء الكَاساني، نسبة إلى الكاسان بالكاف ثم الألف ثم السين المهملة ثم الألف ثم النون، بلدة وراء الشَّاش، وقد يقال في نسبته: الكاشاني بالمعجمة بدل المهملة، وفي "مشتبه النسبة" للذهبي (٢: ٤٩٥): "قاسان، بلدةٌ كبيرة بتركستان خَلف سَيْحون، وأهلها يقولون: كاسان، وكانت من محاسن الدنيا، خربت باستيلاء الترك عليها". شَرَح "تحفة الفقهاء"، وله كتاب "السُّلطان المبين في أصول الدين"، مات في عاشر رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وَدُفِنَ بظاهر حَلَب. ومَنْ شَاءَ الاطِّلاع على أحوالِهِ بالتفصيل فلْيَرجع إلى "الفوائد" (ص ٥٣).
_________
(١٣) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف (٢٠٢٦)، ومسلم في الاعتكاف (١١٧٢)، وأبو داود في كتاب الصيام، باب الاعتكاف ٣: ١٩٤ (٢٤٥٤) (٢٤٥٦)، والترمذي في كتاب الصوم (٧٩٠)، والنسائي في "الكبرى" ٢: ٢٥٧ (٣٣٣٥).
(١٤) أخرجه ابن ماجه في كتاب الصيام (١٧٧٠).
(١٥) أخرجه أبو داود (٢٤٥٥)، والنسائي في "الكبرى" ٢: ٢٥٩ (٣٣٤٤).
1 / 20