Juyin Juya Hali na Ottoman da Turkiyya Sabuwa
الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة: أصدق تاريخ لأعظم انقلاب
Nau'ikan
وكان القائممقام ناظم بك قومندان مركز سلانيك يبذل جهوده في كشف أسرار الجمعية، فذهب إذ ذاك إلى الأستانة لعرض معلوماته، ورجع منها نائلا ألفي قرش ضما على راتبه فزاد اجتهاده وتحريه، وطلب ثانية إلى الأستانة، وبينا كان على أهبة السفر، إذ فوجئ بضربة من أحد الضباط، فذهب إلى الأستانة مجروحا، وحضر بعد ذلك إلى سلانيك صادق باشا وماهر باشا وأمير اللواء يوسف باشا وبعض الياورية وعدة من موظفي الملكية، ونظموا دفترا بأسماء كثيرين من المتهمين بعضوية الجمعية، وحبسوا ونفوا وألقوا الرعب في قلوب الناس، حتى كاد اليأس يستولي عليهم، فقام في مناستر صلاح الدين بك قائمقام أركان حرب والبكباشي نيازى بك الأرناؤوطي؛ بتشكيل فرقة من العساكر الوطنية وذهبوا لناخية «رسنة» وهي في الغرب الشمالي من مدينة مناستر على مسافة ثلاثين كيلومترا، ولحق بهما كثيرون من الوطنيين، وأنور بك البكباشي صهر ناظم بك قومندان سلانيك، وكان طلب الأستانة ووعد بمكافأة كبيرة، ولكنه اختار نفع وطنه على منفعته الذاتية، ثم قتل في سلانيك أحد الجواسيس، فقامت حكومة الأستانة قلقا عظيما، وطلبت مفتي آلالاي مصطفى أفندي لتستفهم منه عن هذه الأحوال، وضمت إلى معاشه خمسمائة قرش! وبينا كان خارجا من الفندق للسفر إلى الأستانة جرحه أحد الضباط بحضور جم غفير، وهرب الجارح من دون أن يعارضه أحد من الحاضرين، ولا أخبروا عن أشكاله وصفاته، فندبت حكومة الأستانة للسفر إلى «رسنة» الفريق الأول شمسي باشا قومندان «مترويجه»، فاختار من يعتمد عليهم من الضباط وتابورا من العساكر، وحضر على القطار إلى سلانيك، ومنها إلى مناستر، وذهب توا إلى إدارة التلغراف لمخابرة المابين، فخرج عليه أحد الضباط وقتله، وامتنع من معه من الضباط والعساكر عن الزحف على «رسنة» ومقاتلة إخوانهم، ثم قتل على هذا الوجه كثير من الجواسيس الملكيين والعسكريين، فقرر مجلس الوكلاء إرسال ثلاثين ألفا من عساكر الأناضول، ولما وصل منهم إلى سلانيك الثلاثة توابير الأول امتنعوا عن مقاتلة إخوانهم وانضموا إليهم أيضا، فأحس المابين بأن سوق عسكر الأناضول إلى الروملي إنماء لقوة الجمعية، فأوقف إرسال بقية عساكر الأناضول إلى سلانيك، ثم اجتمع في «فيرزوبك» عشرون ألفا من الأرناؤوط، وذهب سبعمائة من رؤسائهم إلى اسكوب لإعلان القانون الأساسي والحكومة المقيدة.
وفي يوم الخميس 23 تموز/يوليو سنة 1908 خرج الناس في سلانيك صباحا، ووجدوا إعلانات مختومة بختم الجمعية؛ أي جمعية «الاتحاد والترقي» العثمانية، تدعوهم إلى الاجتماع في يوم الجمعة لإعلان القانون الأساسي والحرية، فلم يتمهلوا للغد، بل اجتمعوا في ذلك النهار في ميدان أوليمبوس على الطوار «الرصيف» في مدينة سلانيك، وضج الجمهور قائلا: إما الحرية وإما الموت! وأول من خطب على طنف «بلكون» فندق «أوليمبوس بلاس» غالب أفندي بالتركية، ثم مانويل قره صو باليهودية «الإسبانية»، ثم روصو أفندي بالفرنسية، وسليمان أفندي بالتركية، وفضلي بك نجيب محرر جريدة «عصر» بالتركية، وفيلوطاش بابا جورج بالرومية والتركية، وترجمان المحكمة المخصوصة «فوق العادة» بالبلغارية، وفي ختامهم عادل بك رئيس البلدية بالتركية، ثم هتف الجميع «فليحيا الوطن، فلتحيا الأمة، فلتحيا الجمعية، فليحيا الجيش، الحرية أو الموت»، وأعدوا في تلك الليلة مأدبة ضربت فيها الموسيقى العسكرية على الأنغام المرسيلية:
6
Allons enfants de la patrie le jour de gloire est arrivé.
وكانت ترجمت بالتركية هكذا: «قالقك أي أهل وطن شان كونلري كلدي»، وفي ليلة الجمعة وردت رسالة برقية إلى حلمي باشا المفتش العام لولايات مقدونية بصدور الإرادة السنية بإعادة القانون الأساسي، فاجتمع الناس في سراي الحكومة، وأعلنت الحرية والقانون الأساسي رسميا بحضور المفتش العام ومشير الفيلق الثاني إبراهيم باشا، وموظفي الحكومة والبلدية وأعضاء الجمعية وابتدأ موسم الأفراح والسرور.
الخلاصة وأسباب الانقلاب بلا سفك دماء
حدث الانقلاب العثماني بلا سفك دماء ولا حصول اضطراب أو قلاقل في المملكة، كما حصل عند باقي الأمم من الإنجليز والفرنسيين والأمريكان والمجر والروس وغيرهم، وفي ذلك قال بعض رجال السياسة: «لا تنبت الحرية ما لم تسق بالدم» ولذلك أسباب كثيرة، منها: (1)
أن الحكومة ليست مطلقة كما يظنها الناس ويسميها الإفرنج
Théocratique ، وإنما هي مقيدة بأحكام الشرع الشريف، الذي يأمر بالشورى ويحض عليها كما ذكر في صدر هذه الرسالة، فالانقلاب لم يضيع حقوق السلطنة والخلافة كما ضيع انقلاب الفرنسيين وغيرهم حقوق ملوكهم المطلقة المقدسة الإلهية! حتى انتصر لها فريق من الناس، وقاتلوا في سبيل استرجاعها ولا يزالون يطالبون بها في هذا القرن العشرين عصر التمدن والعلم والنور. (2)
عدم وجود امتيازات لصنف من أصناف الأمة العثمانية، كما يوجد عند الفرنسيين للأشراف وللرهبان امتيازات وحقوق مشروعة على الأراضي بحسب عرفهم وشرعهم القديم، ولذلك قاتلوا عليها لما حدث الانقلاب الفرنسي وحرمهم من حقهم المشروع على زعمهم واعتقادهم، أما الانقلاب العثماني فلم يضيع لأحد حقا فإن الحقوق التي كانت على الأراضي للدره بكوات «دره بكلر»
Shafi da ba'a sani ba