قال ابن المنذر (١): «كان الليث بن سعد يقول: «من ترك دابة قامت
عليه بمضيعةٍ؛ لا تأكل ولا تشرب، فهي لمن أخذها، إلا أن يكون تركها وهو يريد أن يرجع إليها، فيرجع مكانه فهي له» .
وقال الحسن بن صالح -في الرجل يأكل التمرة ويرمي بالنوى-: «إنَّ النوى لمن أخذه، وكذلك كل شيء سوى النَّوى خلَّى عنه وتركه وأباحه للناس من دابةٍ، أو غير ذلك، فإن أخذه إنسانٌ، فليس لربِّ المال أن يرجع فيه» .
وقاله الشعبي -فيمن قامت عليه دابته فتركها-: «هي لمن أحياها»، قيل: عمَّن هذا يا أبا عمرو؟ فقال: «إن شئت عددتُ لك كذا وكذا من أصحاب رسول الله ﷺ» (٢) .
(١) في «الأوسط» (١١/٨١)، وكل الذي بعده من كلام ابن المنذر، إلى قول المصنف: «قلت ... .
(٢) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (٦/١٩٨) بسنده إلى عبيد الله بن حميد الحميري، قال: سمعت الشعبي، فذكره. فقوله: «قيل» القائل هو: عبيد الله.
لكن قال البيهقي: «هذا حديث مختلف في رفعه، وهو عن النبي ﷺ منقطع، وكل واحدٍ أحقُّ بماله، حتى يجعله لغيره، والله أعلم» . ووافقه الذهبي في «مهذب السنن الكبرى» .
وتعقب التركماني في «الجوهر النقي» كلام البيهقي، فقال: «قلت: قد قدّمنا في باب: فضل المحدث، أن مثل هذا ليس بمنقطع، بل هو موصول، وإن الصحابة كلهم عدول، وقد ذكرنا في ذلك الباب من كلام البيهقي ما يدل على ذلك» .
وقد أخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» (٦/١٩٨)، وأبو داود في «سننه» (رقم ٣٥٢٤) بإسناد حسن -ومن طريقه البيهقي (٦/١٩٨) -، وابن المنذر في «الأوسط» (١١/٨٣) عن عبيد الله بن حميد ابن عبد الرحمن الحميري، عن الشعبي حدثه: أن رسول الله ﷺ قال: «من وجدَ دابةً، قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيَّبوها، فأخذها، فأحياها، فهي له» . قال عبيد الله: فقلتُ: عمَّن؟ قال: عن غير واحدٍ من أصحاب النبي ﷺ.
وأخرج أبو داود -أيضًا- (برقم ٣٥٢٥) ومن طريقه البيهقي (٦/١٩٨) نحوه مرفوعًا.
والحديث حسن -كما قال شيخنا الألباني ﵀. انظر: «صحيح أبي داود» .
وأورد ابن حزم في «المحلّى» (٨/٢٠٨) عدة آثار عن الصحابة في أجرة من يردّ عبدًا آبقًا =