353

Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

Nau'ikan

مادون القتل الكثير، إلا أنه تعالى سيعصمه من الناس، حتى يأذن الله باكتمال الدين وإبلاغ الرسالة.
وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وأبو حيان، وغيرهما. (^١)
والعصمة المقصودة في الآية هي: منعهم أن ينالوه ﷺ بسوء، من قتل أو أسر أو غيره (^٢)، دفعًا لما قد يحمله على كتم البيان، وهو خوف لحوق الضرر من الناس.
وكل ذلك قد تحقق له ﷺ، فقد عصمه الله وحفظه من كفار قريش عندما هموا بقتله في مكة- مع شدة العداوة، ونصب المحاربة له ليلًا ونهارًا - فصانه في ابتداء الرسالة بعمِّه أبي طالب، إذ كان رئيسًا مُطاعًا كبيرًا في قريش، ثم قيّض الله له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحول إلى المدينة، فلما صار إليها حَمَوه من الأحمر والأسود، فكلما همَّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء كاده الله، ورد كيده عليه، وعصمه من القتل في المدينة فيما حضره من غزوات، ولما سمَّ اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر: أعلمه الله به، وعصمه الله منها؛ فأخبرته الشاة أنها مسمومة، ومات الصحابي الذي كان معه (^٣)، ولم يمت ﷺ إلا بعد أن بلَّغ الرسالة. (^٤)

(^١) ينظر: التفسير الكبير (١٢/ ٤٠١)، والبحر المحيط (٤/ ٣٢٣).
(^٢) ينظر: النكت والعيون (٢/ ٥٣)، والتفسير الوسيط (٢/ ٢٠٩)، وزاد المسير (١/ ٥٦٩)، وينظر: فتح الباري لابن حجر (٦/ ٨٢).
(^٣) قال النووي في شرح حديث الشاة المسمومة: (فيه بيان عصمته ﷺ من الناس كلهم، كما قال الله: (والله يعصمك من الناس) وهي معجزة لرسول الله ﷺ في سلامته مِن السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه ﷺ قال: «إن الذراع تخبرني أنها مسمومة)»). شرح صحيح مسلم (١٤/ ١٧٩).
(^٤) ينظر تفصيله في: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١٥٤)، وفتح القدير للشوكاني (٢/ ٦٩).

1 / 353