Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir
الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير
Nau'ikan
والمذهب عند الفقهاء من السلف والخلف أن كسب المرء لنفسه مباح على الإطلاق بل هو فرضٌ عند الحاجة. (^١)
وقال قوم من جهال أهل التقشف والتصوف: إن الكسب حرام لا يحل إلا عند الضرورة، واستدلوا بأقوال باطلة وحجج واهية. (^٢)
قال الشاطبي (^٣) منكرًا عليهم: (ولا يظن العاقل أن القعود عن الكسب ولزوم الربط مباح أو مندوب إليه أو أفضل من غيره، إذ ليس ذلك بصحيح، ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها.) (^٤)
(^١) ينظر: المبسوط (٣٠/ ٢٤٧)، والمحيط البرهاني (٥/ ٣٥٦)، ومختصر منهاج القاصدين لابن قدامة (١/ ٨٦).
(^٢) منها قولهم: إن الكسب ينافي التوكل على الله تعالى أو ينقص منه، وقد أُمرنا بالتوكل، فما يتضمن نفي ما أُمرنا به يكون حرامًا، والدليل على أنه ينفي التوكل قوله ﷺ «لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقتم، كما يرزق الطير يغدو خماصًا ويروح بطانًا»، وقال تعالى ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]، وهذا حث على ترك الاشتغال بالكسب وبيان أن ما قدر من الموعود آتٍ لا محالة. قالوا: وفي الاشتغال بالكسب ترك ما خُلق المرء لأجله وأمر به من عبادة ربه، وما في القرآن من ذكر البيع والشراء في بعض الآيات ليس المراد به التصرف في المال والكسب، بل المراد تجارة العبد مع ربه ببذل النفس في طاعته والاشتغال بعبادته فذلك يسمى تجارة، كما قال تعالى ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ﴾ [الصف: ١٠] الآية، ودعواهم أن الكبار من الصحابة ﵃ كانوا لا يكتسبون ... الخ مزاعمهم مما لا يخفى بطلانه من أصله.
ينظر: المبسوط (٣٠/ ٢٤٧)، والتعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي (١/ ٨٥)، وتنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء لأبي الحسن السبتي (١/ ١٣٣).
(^٣) هو إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي: أصولي حافظ. من أهل غرناطة. كان من أئمة المالكية. من كتبه (الموافقات)، و(الاعتصام) في أصول الفقه، و(أصول النحو)، و(شرح الألفية). توفي سنة ٧٩٠ هـ. ينظر: الأعلام (١/ ٧٥)، ومعجم المؤلفين (١/ ١١٨).
(^٤) الاعتصام (١/ ٢٦٣)
1 / 263