كتبت لمدير تحريرها في نيويورك بأن لندن، رغم أنها مدينة بطيئة الإيقاع، كانت مليئة بالمواد الجيدة الصالحة للنشر، وأن أحدا لم يقترب منها بالكتابة منذ عصر ديكنز؛ لذا، عرضت أن تكتب سلسلة من المقالات عن المدينة الكبيرة التي ستجعل هؤلاء المحررين ينشطون قليلا. وقد أرسل مدير التحرير برقية لها يطلب منها المضي قدما في مشروعها، وقد فعلت.
لقد استعانت جيني بخدمات مرافقة، وكانت سعيدة للغاية بتلك الرفاهية غير المعتادة. وقد أوعز إليها بأن الليدي ويلو كانت بمنزلة القديس بيتر لكن من الناحية الاجتماعية؛ فقد كانت تحمل المفاتيح التي ستفتح بوابات جنة الحياة الاجتماعية الإنجليزية، إن حصلت على مقابل مجز بالقدر الكافي. ومن بين كل المعالم القديمة في إنجلترا، لم يجذب انتباه جيني شيء أكثر من الطبقة الأرستقراطية، وعلى الرغم من أنها كتبت إلى نيويورك تطلب خطابات تقديمية لتساعدها في عملها في لندن، فلم يكن لديها من الصبر ما يجعلها تنتظر وصولها. ولذلك، استعانت بخدمات الليدي ويلو، أرملة السير دبنهام ويلو، الذي مات بالخارج، مفلسا، قبل بضع سنوات، وقد حزن عليه الدائنون الذين تركهم خلفه.
كانت جيني تشك في اللقب الذي تحمله الليدي ويلو، وطلبت منها أدلة أكيدة على صحته قبل أن تستعين بخدماتها. واندهشت كيف يمكن أن تبيع أي سيدة نبيلة حقا، كما كان الحال، تأثيرها الاجتماعي مقابل مبلغ ما في الأسبوع؛ لكن، نظرا إلى أن الليدي ويلو تعجبت هي الأخرى من كسب الفتاة الأمريكية لعيشها بكتابة مقالات للصحف، وجد اندهاش الأولى نظيره في تعجب الأخرى.
كانت الليدي ويلو تظن أن كل الفتيات الأمريكيات قد ولدن بنات لميلونيرات؛ وذلك بناء على قانون طبيعي غربي ما غير مفهوم، وتخيلت أن هدفهن الوحيد من رغبتهن في دخول المجتمع اللندني هو أن يشترين لأنفسهن سليل أسرة أرستقراطية بأي ثمن؛ لذا، كانت ميالة لرفض لقاء شابة حريصة عازمة على ما يبدو على الحصول على مقابل لما تدفعه من مال.
قالت الليدي ويلو بتكبر شديد: «ليس من عادتي الحديث عن شروط العمل.»
ردت جيني بلا مبالاة: «إنه من عادتي؛ فأنا أحب دائما معرفة ما أشتريه، والثمن الذي سأدفعه مقابلا له.»
قالت السيدة، وهي تقوم من مكانها بسخط: «إنك تتعاملين معي، كما لو كنت تستأجرين طباخا. أنا متأكدة أننا لن نتوافق معا على الإطلاق.» «رجاء اجلسي، يا ليدي ويلو، ولا تغضبي. دعينا نتحدث عن الأمر بصورة ودية، حتى لو لم نصل إلى اتفاق. أعتقد أن الطباخ شخص مهم للغاية، وأؤكد لك أنني كنت سأعامله بأكثر الطرق احتراما؛ بينما معك، على الجانب الآخر، فأنا أتحدث بطريقة صريحة وودية، كما هو الحال بين الأصدقاء. أعتقد أنني وأنت وضعنا مماثل بعض الشيء. لا أحد منا غني؛ لذا، على كل منا أن يكسب المال الذي يحتاج إليه بطريقته الخاصة. ولن يكون من الأمانة أن أدعي أمامك بأنني غنية، ثم لا أستطيع أن أدفع لك ما تتوقعين الحصول عليه بعد أن فعلت كل ما يمكنك من أجلي، أليس كذلك؟ رائع جدا، إن كان لديك شخص آخر يمكن أن تعملي كمرافقة له ويستطيع أن يدفع لك أكثر مما سأفعل، فلا يجب أن تهتمي بشأني على الإطلاق، وعليك الحصول على العميل الأكثر ثراء.»
تذكرت الليدي ويلو أن هذا ليس الموسم الذي يكثر فيه العملاء الأثرياء؛ لذا كبحت جماح سخطها، وجلست ثانية.
قالت جيني: «هذا جيد، ودعينا نخض حديثا هادئا ولطيفا، بغض النظر عما سيسفر عنه. والآن، إن أردت، يمكنني كتابة مقال لطيف عنك في صحيفة «صنداي آرجوس»، وهو ما سيجعل كل الفتيات الثريات اللائي يقدمن إلى هنا يأتين إليك مباشرة.»
صرخت الليدي ويلو، وقد صعقت على ما يبدو على نحو لا يوصف من الفكرة: «يا إلهي! يا إلهي! أنت بالطبع لن تفعلي شيئا فظيعا كهذا. إن عرفت صديقاتي أنني أصاحب الفتيات الصغيرات وآخذ مالا منهن، فلن يسمحن لي بدخول بيوتهن ثانية.» «آه، أنا لم أفكر في ذلك. بالطبع، لن يكون ذلك مقبولا. يا له من شيء غريب أن أولئك الذين يريدون أن يظهروا في الصحف بوجه عام لا يرون أبدا أسماءهم هناك ؛ في حين أن أولئك الذين لا يريدون أن يذكر أي شيء عنهم هم الذين يسعى الصحفيون دائما لنشر أخبارهم!» «إذن، هل تكتبين مقالات في الصحف؟» «في إحداها.»
Shafi da ba'a sani ba