فكر ونتوورث في هذا لبضع دقائق، وهو يطرق بقلمه الرصاص على المكتب ويقطب جبينه. «إنها تبدو قفزة هائلة، من خمسين ألف جنيه إلى مائتي ألف جنيه، أليس كذلك، يا جون ؟» «بلى ، إنها كذلك؛ إن الأمر يبدو كنوع من الاحتيال. لكن كم سيكون أمرا رائعا إن أمكن تحقيقه على أرض الواقع، وإن أدر الربح المناسب عندما نستطيع تنفيذ الخطة بنجاح!» «بالطبع، أنا لن أكون طرفا، ولا أنت أيضا، في أي تزوير.» «بالطبع لا. أنا لن أفكر ولو للحظة في رفع السعر إذا لم أكن متأكدا من أن المنجم يستحق ذلك. لقد كنت أعمل على مجموعة كبيرة من الأرقام التي ستثبت على وجه التقريب كم سيدر المنجم، وهي لدي هنا في جيبي، وأنا مقتنع تماما بأنه سيحقق ربحا يصل على الأقل إلى 10 بالمائة، وربما 12 أو 15.» «في واقع الأمر، لن يريد أي أحد نسبة ربح أفضل من هذه على أموالهم. ألديك الأرقام؟» «نعم، ها هي.» «رائع للغاية، من الأفضل أن تتركها لي، وسأفحصها بدقة شديدة كما لو أنها أرقام شخص أشك فيه بشدة، وآمل أن تكون صحيحة؛ أما إذا لم تكن كذلك، فسأوضح لك مواضع الخلل فيها.» «لكن، يا جورج، إنها مسألة متعلقة بالحقائق أكثر من كونها متعلقة بالأرقام. أنا أعتقد أن الجبل بأكمله مصنوع من المعدن الذي يعد ثمينا للغاية، لكنني أرى أنه يمكن استخراج ثمن المادة الموجودة فيه فقط، وهو الأمر الذي يبدو لي تقديرا معقولا جدا.» «نعم، لكن ما مدى الطلب عليها؟ ذلك هو السؤال المهم. قد تكون المادة مهمة بالقدر الكافي، لكن لو كان يوجد عليها طلب محدود؛ أقصد، أننا لو لدينا عشرة أضعاف ما يحتاج إليه العالم، فإن الأجزاء التسعة الأخرى تكون نسبيا لا قيمة لها.» «هذا صحيح.» «هل تعرف عدد المنشآت الموجودة في العالم التي تستخدم هذه المادة؟» «هناك العديد منها في إنجلترا، وأيضا في الولايات المتحدة.» «وماذا عن الضريبة المفروضة عليها في الولايات المتحدة؟» «آه، هذا ما لا أعرفه.» «حسنا، يجب أن نعرف هذا. ما عليك إلا أن تكتب هنا استخداماتها؛ وسأحاول أنا الحصول على بعض المعلومات عن المصانع التي تحتاج إليها، وأيضا عن الكميات التي تحتاج إليها في العام الواحد. سيكون علينا الحصول على كل تلك الحقائق والأرقام كي نضعها أمام الأشخاص الذين سيقومون بالاستثمار؛ لأن النقطة المهمة، حسبما أفهم، التي سنبرزها ليست مادة الميكا، وإنما المادة الأخرى.» «هذا صحيح.» «رائع جدا، إذن، اترك لي ما تعرفه بالفعل عن الأمر، وسأحاول استكمال معلوماتك. في الحقيقة، علينا أن نستكملها، قبل أن يكون بإمكاننا الذهاب بها إلى أي شخص. والآن، أنصحك بزيارة آل لونجوورث - كل من لونجوورث العجوز والشاب - وقد تجد أن الحديث معهما في لندن مختلف تماما عن الحديث معهما على متن سفينة «كالوريك». بالمناسبة، أتساءل عن سبب عدم وجود لونجوورث في اجتماع المديرين اليوم.» «لا أعرف. لقد لاحظت غيابه.» «من المحتمل جدا أنه قرر عدم الاستثمار في المناجم الأخرى، ومن ثم قد تكون هناك إمكانية لاستثماره في منجمنا. هل تعرف عنوانه؟» «نعم، إنه معي.» «إذن، لو كنت مكانك، لركبت عربة أجرة وذهبت إلى هناك على الفور. وفي تلك الأثناء، سأحاول ترتيب أرقامك على نحو جيد، واستكمالها قدر الإمكان. وهذا لن يكون أمرا سهلا، يا جون. يوجد الآن عدد كبير للغاية من المنشآت المعروضة على الناس للاستثمار فيها - الصحف زاخرة بها - وكل منها يبدو أنه أفضل وسيلة لتحقيق الأرباح في العالم؛ لذا، إذا كنا سنطرح هذا المنجم للبيع دون أن يكون معنا مستثمر معين، فستكون مهمتنا صعبة للغاية.» «إذن، أنت على استعداد لرفع السعر حتى مائتي ألف جنيه؟» «نعم، إذا كنت ترى أنه يستحق ذلك. هذا ما يمكننا تحديده على نحو أفضل بعد فحصنا للأرقام معا. حري بنا أن نكون متأكدين من حقائقنا أولا.» «رائع جدا. وداعا؛ سأذهب لمقابلة السيد لونجوورث.»
الفصل السادس عشر
لم يستقل جون كينيون عربة أجرة. لقد مشى حتى يتوفر له بعض الوقت للتفكير. أراد أن يرتب في ذهنه ما سيقوله للسيد لونجوورث؛ لذا، فقد تفكر في اللقاء الذي هو مقبل عليه بينما كان يمشي عبر الشوارع المزدحمة للندن.
لم يكن قد انتهى بعد من ترتيب الأمور في ذهنه على نحو مرض عندما وصل إلى الباب المؤدي لمقر شركة السيد لونجوورث.
قال في نفسه، بينما وقف هناك: «في النهاية، السيد لونجوورث لم يتحدث قط معي بشأن منجم الميكا؛ ومن خلال ما تعتقده ابنته، من غير المحتمل أنه سيهتم بالأمر. إن لونجوورث الشاب هو من تحدث معي بشأنه.»
لقد شعر بأن لونجوورث الشاب هو الشخص الذي يجب أن يزوره، لكنه كان خائفا بعض الشيء من لقائه. إن الجانب القليل الذي رآه من شخصية ويليام لونجوورث على متن سفينة «كالوريك» لم يجعله يكون عنه انطباعا جيدا، وقال في نفسه: يا ليتني لم أخبر ونتوورث بأنه من المتوقع أن يكون هناك استثمار من جانب آل لونجوورث. لكنه قرر ألا يتهرب من اللقاء؛ لذا، صعد الدرج حتى وصل إلى منطقة الاستقبال. ووجد المبنى أكبر بكثير مما كان يتوقع. وكان هناك على المكاتب العديدة موظفون كثر منهمكون بشدة في عملهم. اقترب من مكان الاستعلامات، وقام رجل ليستمع لما عليه قوله. «هل السيد لونجوورث موجود؟» «نعم، يا سيدي. أيا منهما تريد؛ السيد الشاب أم السيد جون لونجوورث؟» «أرغب في مقابلة رئيس الشركة.» «آه! هل لديك ميعاد معه؟» «لا، ليس لدي؛ لكن ربما إذا أخذت هذه البطاقة إليه، وإن لم يكن مشغولا، فقد يقابلني.» «إنه مشغول جدا دائما، يا سيدي.» «حسنا، خذ البطاقة إليه؛ وإن تصادف ولم يتذكر الاسم، فأخبره أنني قابلته على متن سفينة «كالوريك».» «حسنا، يا سيدي.» ومع اختفاء الموظف، تاركا كينيون يفكر في الأمر الذي لا يزال لم يحسم والمتعلق بما يجب عليه أن يقوله للسيد لونجوورث إن سمح له بمقابلته. وبينما كان يقف هناك منتظرا، وحوله مجموعة الرجال الذين كانوا يعملون بانشغال وصمت، وفي ظل جو الأهمية العام الذي يسود المكان، رأى أن السيد لونجوورث لن يراه؛ ولذا، اندهش بشدة عندما عاد الموظف دون البطاقة وقال: «هلا اتبعتني يا سيدي؟»
بعد أن مر هو والموظف عبر زوجين من الأبواب المتأرجحة، طرق الأخير برفق على باب مغلق، ثم فتحه.
وقال باحترام: «السيد كينيون، يا سيدي.» ثم أغلق الباب وراءه، تاركا جون كينيون واقفا في غرفة كبيرة مفروشة على نحو أنيق بعض الشيء، مع وجود مكتبين بالقرب من النافذة. وكان يأتي من غرفة داخلية النقر المستمر والمكتوم للكتابة على آلة كاتبة. كان يجلس على أحد المكتبين لونجوورث الشاب، الذي لم ينظر عندما أعلن عن وجود كينيون. أما عمه العجوز، فقام ومد يده بترحيب وود.
قال: «كيف حالك، يا سيد كينيون؟» ثم أضاف: «أنا سعيد للغاية للقائك ثانية. إن الرعب الذي سببه الوضع على متن تلك السفينة يبدو أنه لم يترك أثرا كبيرا عليك. إنك تبدو في أحسن حال.»
قال جون: «نعم؛ أنا مسرور للغاية للعودة ثانية إلى لندن.» «آه، أعتقد أننا جميعا كنا نود العودة. بالمناسبة، لقد كان الأمر أخطر بكثير مما ظننا حينها على متن سفينة «كالوريك».» «هكذا علمت من الصحف.» «كيف حال صديقك؟ بدا أنه انزعج بشدة من الأمر.»
Shafi da ba'a sani ba