ذهبت إديث لونجوورث إلى غرفتها، وهناك بكت بسبب فشلها، لكن هذا البكاء أراحها كثيرا. واستمرت جيني بروستر في كتابتها، لكن أخذت تتوقف بين الفينة والأخرى لتفكر، بندم، في شيء حاد ربما كان عليها أن تقوله، ولم يخطر ببالها في وقت اللقاء. وقضى كينيون وقته في ذرع سطح السفينة جيئة وذهابا، آملا في ظهور الآنسة لونجوورث؛ وهو توقع كان، لبعض الوقت على الأقل، يعد الرجاء المماطل الذي يمرض القلب. جعل فليمنج، السياسي الأمريكي، المرح يهيمن على أرجاء غرفة التدخين، وذلك من خلال استماع الموجودين فيها للقصص التي يسردها. وغير الأجواء من آن لآخر بأن كان يطلب من الجميع تناول الشراب معه، وهي دعوة لم تكن تقابل بأي رفض عام. وكان السيد لونجوورث العجوز ينعس معظم وقته وهو جالس على كرسيه على سطح السفينة. ولم يكن ونتوورث، الذي كان لا يزال يتهم نفسه بمرارة بأنه أحمق، يتحدث مع أحد، حتى صديقه كينيون. وطوال الوقت، كانت السفينة البخارية الكبيرة مستمرة في سيرها وسط مياه هادئة نسبيا كما لو أن شيئا لم يحدث أو سيحدث. كان هناك مطر في أحد الأيام، وعاصفة في ليلة وجزء من يوم. وأشرق صباح السبت، وكان من المتوقع الوصول إلى كوينزتاون في وقت ما من الليل. وقد بدت السحب في وقت مبكر من صباح السبت، منخفضة، كما لو أن لها الحق في النظر بالقرب من أيرلندا.
ونتوورث، الذي سبب المشكلة بالكامل، لم يساعد كينيون كثيرا في المسألة التي كانت تشغل باله. وكان من عادته، عندما يشار إلى الأمر، أن يمسد شعره بيديه أو يدسهما بسرعة في جيبيه، ثم يتحدث بكلمات بائسة ومعبرة في الوقت ذاته. وكلما كان كينيون ينصحه بأن يهدأ، قل احتمال أن يتبع ونتوورث نصيحته. وبوجه عام، كان يقضي معظم وقته بمفرده في حالة مزاجية حزينة جدا. وفي إحدى المرات، عندما ضربه فليمنج المرح برفق على كتفه، التفت، لدهشة فليمنج الشديدة، بعنف وصرخ فيه قائلا: «إذا قمت بذلك ثانية، يا سيدي، فسأطرحك أرضا.»
قال فليمنج فيما بعد إنه «اندهش بشدة» من هذا القول - بغض النظر عما قد يعنيه هذا - وأضاف أن الإنجليز بوجه عام شعب غريب. والحقيقة أنه قد تمالك نفسه في تلك الحادثة وبعد أن ضحك ضحكة صغيرة على الملاحظة، قال لونتوورث: «تعال وتناول كأسا معي؛ وستشعر حينها بأنك أفضل.»
ولم يكلف ونتوورث نفسه حتى عناء رفض تلك الدعوة، لكنه دس بسرعة يديه في جيبيه مرة أخرى، وأدار ظهره للسياسي الأمريكي الشهير.
لخص ونتوورث الموقف لجون كينيون عندما قال له: «لا جدوى من حديثنا عن الأمر أو تفكيرنا فيه أكثر من ذلك. إننا ببساطة لا يمكننا فعل شيء. سوف أتحمل وزر الأمر بالكامل. وأنا مصر على عدم تعرضك لأي مشكلة بسبب سوء تقديري. والآن، لا تتحدث معي بشأن هذا الأمر مرة أخرى. أريد أن أنسى ذلك الأمر البائس، إذا كان هذا ممكنا.»
وهكذا، أصبح من الطبيعي جدا أن يتخذ جون كينيون، الذي كان منشغلا بشدة بالأمر، من إديث لونجوورث، التي أبدت أيضا اهتماما شديدا بالمسألة، صديقة حميمة له. كانت الآنسة لونجوورث تبقى بمفردها حتى أكثر من ذي قبل؛ لأن ابن عمها أدمن الذهاب إلى غرفة التدخين. وقد عرفه أحد الأشخاص بلعبة البوكر المثيرة، وفي ممارسة هذا النوع من التسلية، كان السيد ويليام لونجوورث ينفق الآن جانبا كبيرا من فائض ماله، وكذلك وقته.
كانت جيني بروستر نادرا ما تظهر على سطح السفينة. وقد انكبت بكد على كتابة تلك المقالات الرائعة التي ظهرت فيما بعد في طبعة الأحد من صحيفة «نيويورك آرجوس» تحت العنوان العام «الحياة في البحر»، التي ظهرت بعد ذلك في شكل كتاب. وكما أصبح واضحا بالفعل للجميع، فإن تناولها لشخصية السياسي الأمريكي المرح، وكذلك لشخصية الرجل الإنجليزي المتجهم والمتحفظ، كان يعد من أطرف الأمور الواردة في هذا الكتاب الصغير. وقد اقتبس بكثرة باعتباره مثالا نموذجيا لروح الدعابة الأمريكية.
عندما كانت جيني بروستر تظهر على سطح السفينة، كانت تمشي بمفردها جيئة وذهابا بطول السطح، وكانت تظهر في عينيها نظرة شبه متحدية بينما كانت تمر على كينيون وإديث لونجوورث، اللذين كانت تراهما أغلب الوقت معا.
في صباح يوم السبت هذا الحافل على نحو خاص، كان كينيون وإديث بمفردهما على سطح السفينة. تمركز الحوار بينهما على نحو طبيعي حول الموضوع الذي كان يشغل بال الاثنين في الأيام القليلة الماضية.
قالت الفتاة: «هل تعرف أنني كنت أعتقد طوال الوقت أنها ستأتي إلي في النهاية وتقبل المال؟»
Shafi da ba'a sani ba