سأله مسئول الحسابات بلطف، كما لو أنه كان يعرفه طوال حياته: «حسنا، هل تريد أي مكان معين، يا سيد ونتوورث؟» «لا، نحن لا تعنينا مسألة مكان جلوسنا؛ لكنني أنا وصديقي السيد كينيون نريد أن نجلس معا أحدنا بجوار الآخر.»
رد مسئول الحسابات: «رائع جدا؛ من الأفضل أن تأتيا إلى طاولتي. رقما 23 و24؛ السيد كينيون والسيد ونتوورث.»
أخذ المساعد البطاقتين اللتين أعطيتا له، ووضعهما بحيث يتفقان مع الرقمين اللذين أعلن عنهما مسئول الحسابات. في تلك الأثناء، تحركت المرأة الشابة باتجاهه بخفة، كما لو أنها كانت مهتمة بالاسمين الموضوعين على الطاولة. نظرت إلى اسم ونتوورث للحظات، ورأت في المكان المجاور له اسم السيد براون. وألقت بعد ذلك نظرة سريعة وشاملة في أنحاء القاعة ولاحظت أن الشابين اللذين حددا مكان مقعديهما في طاولة الطعام يتحدثان الآن بارتياح باتجاه الدرج. أخذت البطاقة التي عليها اسم السيد براون، ووضعت مكانها أخرى مكتوبا عليها «الآنسة جيني بروستر». ووضعت بطاقة السيد براون في المكان الذي أخذت منه بطاقتها.
قالت جيني لنفسها: «آمل ألا يكون السيد براون مهتما بالجلوس في مكان معين، لكن على أي حال علي أن آتي مبكرا لتناول العشاء، وأن أتأكد أن السيد براون، أيا ما كان، لن يفتقر إلى التهذيب بحيث يصر على الاحتفاظ بمكانه إذا علم أن بطاقته كانت هناك.»
أثبتت الأحداث التالية صدق تخمينها بشأن عدم اكتراث السيد براون بمسألة مكان جلوسه على طاولة الطعام. لقد بحث هذا الشاب عن بطاقته ووجدها، وجلس على الكرسي المقابل لكرسي السيدة الشابة التي كانت قد شغلته بالفعل، وكان في واقع الأمر أول كرسي يشغل في الطاولة. وعندما وجدت أنه لن يوجد خلاف بشأن مكان الجلوس، بدأت تخطط في ذهنها كيف ستجذب انتباه السيد ونتوورث. وبينما هي تفكر في أفضل طريقة للاقتراب من ضحيتها، سمعت صوته. «هنا، يا كينيون؛ ها هما المكانان الخاصان بنا.»
قال كينيون: «أيهما يخصني؟»
رد ونتوورث: «لا يهم.» وحينها تسرب الخوف إلى قلب الآنسة جيني بروستر الرقيق. لم تفكر في مسألة عدم اهتمام ونتوورث بالمقعد الذي سيجلس عليه، وخشيت من احتمال أن تجد نفسها تجلس بجانب كينيون وليس بجانبه هو. بدا أن تقديرها الأولي لشخصية الرجلين صحيح. لقد كانت تنظر إلى كينيون دائما على أنه بانيان، وباتت متأكدة من أن ونتوورث سيكون الأسهل في التأثير عليه من بين الرجلين. في اللحظة التالية، تبددت مخاوفها؛ إذ إن كينيون عندما ألقى نظرة سريعة على المرأة الشابة الأنيقة، اختار عن عمد المقعد البعيد عنها، وجلس ونتوورث على الكرسي المجاور لها بكل تهذيب وأدب.
قالت جيني في نفسها، وهي تتنفس الصعداء: «الآن، تم تحديد أماكن تناول الوجبات على مدار الرحلة.» وأخذت تضع الخطط لبدء التعرف على الرجل الشاب، لكنها كلها تبددت عندما أعطاها السيد ونتوورث المهذب قائمة الطعام.
قالت الفتاة: «أوه، شكرا لك.» قالت ذلك بصوت خفيض كان موسيقيا للغاية، لدرجة أن ونتوورث ألقى نظرة ثانية عليها ورأى مدى رقتها وجمالها وبراءتها.
قال الشاب التعيس الحظ لنفسه: «أنا محظوظ.» ثم قال بصوت عال: «ليس معنا في هذه الرحلة العديد من السيدات.»
Shafi da ba'a sani ba