Mace Daga Kampo Kdees
امرأة من كمبو كديس
Nau'ikan
انظر يا أستاذي جلال إلى الموضوعية التي اتبعتها في حواري معه، وانظر إلى الخبث الذي يجاوبني به، حقيقة يصعب التعامل مع الجاسوس جيد التدريب؛ لأن له مقدرة لا تحدها حدود على إثبات براءته. مما أغضبني، فشتمته بأبشع الألفاظ، وكثيرا ما أشتم الذين بصدد الإعدام حتى إذا ردوا شتائمي أغضبوني وجدت دافعا فوريا لقتلهم، وأكثر ما يؤلم - صراحة يا أستاذي - أن يظل المحكوم عليه باردا وطيبا ووديعا وطائعا إلى آخر لحظة إطلاق النار عليه، مثل هذا التومبي، أما إذا كان لئيما أحمق متمردا فإن قتله أريح للنفس وللضمير وأكثر رفعا للروح المعنوية.
فأخذته ومعي حرسي الخاص، والذين دائما قربي كظلي إلى حفريات خارج المدينة تستخدم كدفاعات دائمة، استخدمتها أنا للتنفيذ الشرعي، طلبت منه الاعتراف كطلب أخير، ولكنه قال بفم مرتجف مملوء بالبصاق الدامي: أنا مريض جيت أشيل سنمكة وبس.
فعمرت مسدسي كإنذار أخير يعرفه العسكر تماما ووضعت فوهة المسدس في منتصف رأسه، وعندما أضع فوهة مسدسي على هذا المكان يصعب علي عدم الضغط على زر إطلاق النار؛ لأنني حينها - وهذا سر أبوح إليك به لأول مرة - أحس كما لو كنت في الثانية الأخيرة قبل الإيراق، والعاشق يعرف كم هي حرجة تلك اللحظة وحاسمة يصعب الرجوع عنها أو تضييعها.
قال: إن لديه أطفالا صغارا وثلاث نساء، وإنه العائل الأساسي للأسرة؛ لأن ابنه الأكبر سيتزوج قريبا ويرحل عن الأسرة، وقال باستطاعته أن يفعل أي شيء أطلبه منه لإثبات براءت. قال كل ذلك - على ما أعتقد - في أقل من ثانية، قلت له ببرود أعصاب: اعترف بأنك جاسوس أو مصحح نيران، ولازم تديني دليل قوي على كلامك، وما عايز منك أكثر من ده.
عندما فقد الأمل قال: إذا لا تقتلني، أعمني، اقطع يدي أو رجلي، فالموت ما شيء ساهل، الموت ما لعب.
الآن وجدت الكلمة التي بإمكانها إشعال فتيلة الشجار بيني وبينه. - لعب يا وسخ تتجسسوا وتقول لعب.
وأخذت أركله بمقدمة البوت لكنه ظل باردا، فقط يحاول أن يعتذر وهو يحك مكان الشلوت، وافتعلت أيضا من هذه الأخيرة خصاما جديدا وانتهرته في غضب. - أيوه، تتلوى زي الكلب، يا جاسوس يا خائن، خذ.
وفي اللحظة التي تحركت فيها سبابتي للضغط على زرار إطلاق النار وجدت نفسي - وهذا ليس حلما ولا وهما ولا تخريفا - وجدت نفسي محمولا على أسنة رماح حادة توخزني في كل ذرة في جسدي، يحملني أقزام بيض لهم أعين لامعة كالمرآة كبيرة ومؤذية، كانوا يسيرون بي نحو بوابة ضخمة صفراء، وهي في الحقيقة ليست سوى جمرة كبيرة تستخدم كبوابة للجحيم، وكنت أعرف هذه المعلومات دون أن يقولها لي أحد، كانت مسجلة في ذاكرتي منذ أن ولدت.
وعرفت أيضا أنه سيرمى بي في الجحيم الآن بعد أن يقرأ ملاك - جاء للتو - كتابا ضخما مكتوبا عليه بحبر أسود - وهو كتاب أسود أيضا - كان يقرأ لي الأعمال الخيرة التي قمت بها قبل أن أحضر إلى هذا المكان على أسنة الرماح، وعندما فرغ كنت أتوقع قدوم ملاك آخر ليقرأ كتاب سيئاتي، ولكن يبدو أن ذلك لن يحدث، مما أوهمني بأنه لا سيئات لي، ولكن حينما أغلق كتاب الحسنات وخزني في مؤخرتي، ملاك أم شيطان؟ لست أدري، وخزة ما زلت أعاني منها إلى اليوم - وسأريك موضع الجرح عندما نلتقي - وهي دليل واضح على أنني لم أتوهم الأشياء، فصرخت بكل ما أوتيت من قوة مما أفزع رجلا وسيما آمنا محمولا على فراش أخضر بهي على غيمة صفراء وتحوم فوقه العصافير والفراشات ويتبعه رهط من الحوريات في ذات اللحظة، عدت حيثما كنت سابقا، أقف خلف الجاسوس، واضعا فوهة مسدسي في منتصف رأسه وإبهامي يتحرك نحو ضغط زرار إطلاق النار.
فابتسمت، ابتسامة على ما أظن كانت كبيرة جدا، وباردة فابتسمت وأنا أحس بوخز الرمح في مؤخرتي ثم ضغطت على زرار إطلاق النار.
Shafi da ba'a sani ba